في زمن القمع والمعاناة، يكتسب اليوم الدوليّ لضحايا الاختفاء القسريّ أهميّة مضاعفة، وخاصّةً ضمن سياق ثورة 14 فبراير في البحرين حيث يتحوّل الاختفاء القسريّ على أيدي نظام آل خليفة إلى وسيلة شائنة لقمع الأصوات المعارضة.
يُسلّط هذا اليوم الضوء على معاناة الأبرياء المنتزعين من حياتهم، المحرومين وجودهم أمام عيون عالم يقف متفرّجًا.
تحت ستار «قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابيّة» تلبس السلطات الخليفيّة ثوب القاضي والجلّاد معًا، مانحة نفسها الحقّ في اعتقال الناشطين من دون أمر قضائيّ بمزاعم محاربة الإرهاب. تكتنف الفجيعة في تلك الممارسات، حيث تحصل الاعتقالات بواسطة مجموعات مسلّحة ملثّمة، تختطف المعارضين بعيدًا عن أعين العدالة، في انتهاك صارخ للمعايير الدوليّة لحقوق الإنسان.
الظلم لا يتوقّف عند حدّ الاختفاء فحسب، إذ يواجه المعتقلون التعذيب الوحشيّ لانتزاع اعترافات كاذبة، محرومين أبسط حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم. تحاول السلطات تلميع صورتها المتوحّشة بإجبارهم على ترك رسائل صوتيّة لذويهم تحمل رسائل «الطمأنينة»، في محاولات يائسة لستر عورات جرائمها.
حان الوقت للعالم أن يرفع صوته عاليًا ضدّ هذه الممارسات البربريّة. ويجب على المجتمع الدوليّ تجاوز الإدانات الكلاميّة والسعي إلى محاسبة آل خليفة وكل من يشارك في هذا المسلسل الدمويّ من الاختفاء القسري ومحاسبتهم؛ فالصمت هنا ليس خيارًا، بل هو مشاركة في الجريمة ذاتها.
ما يجري في البحرين ليس مجرّد انتهاكات عابرة، بل هو نظام ممنهج يهدف إلى تكميم الأفواه وقطع أيّ صوت يحاول أن ينادي بالعدالة والحقوق. يعيش أهالي المختفين قسرًا في حالة من اليأس والألم الدائم، حيث تتحوّل الأيام إلى سنين في انتظار خبر، أيّ خبر، عن مصير أحبّائهم. إنّ الحق في معرفة الحقيقة ليس فقط حقًّا للضحايا، بل هو ضمانة للعدالة وخطوة ضروريّة نحو الإصلاح.
إنّ قضيّة الاختفاء القسريّ في البحرين، وغيرها من الدول التي تشهد ممارسات مماثلة، تعدّ اختبارًا حقيقيًّا لمصداقيّة الأنظمة الدوليّة لحقوق الإنسان. فمن غير المقبول أن تظلّ هذه الجرائم دون عقاب. يجب على المجتمع الدوليّ تفعيل آليّات الضغط والمساءلة، بما في ذلك فرض عقوبات محدّدة على المسؤولين عن الاختفاء القسريّ، ودعم منظّمات حقوق الإنسان لوضع هذه القضيّة تحت الأضواء.
لن يتحقّق الأمن والاستقرار في البحرين أو أيّ دولة أخرى على حساب حقوق الإنسان. فالطريق نحو المستقبل يتطلّب تضميد الجراح، واعتراف صادق بالظلم الذي وقع. إنّ محاسبة المسؤولين عن الاختفاء القسريّ ليست فقط خطوة ضروريّة لردّ الاعتبار للضحايا وعائلاتهم، بل هي بداية لحقبة جديدة من الشفافية واحترام حقوق الإنسان.
في النهاية، يتجاوز التحرّك ضدّ الاختفاء القسري حدود البحرين ليصبح رمزًا للمقاومة ضدّ القمع السياسيّ في كلّ مكان.