لم تكن قمّة جدّة التي انتهت أعمالها يوم السبت 16 يوليو/ تموز 2022، على قدر تطلّعات ابن سلمان والحكّام المطبّعين، فهي وإن حقّقت أحد أهدافها البعيدة – بنسبة ما-، وهو التطبيع السعوديّ مع الصهاينة، إذ اتخذت السعوديّة هذه القمّة ذريعة لفتح أجوائها للطيران الصهيونيّ، على اعتبار أنّ ناقلاته الجويّة تستوفي متطلّبات الهيئة العامّة للطيران المدنيّ السعوديّ لعبور الأجواء، ضمن التزاماتها المقرّرة بموجب «اتفاقيّة شيكاغو 1944»، والتي تقتضي عدم التمييز بين الطّائرات المدنيّة المستخدمة في الملاحة الجويّة الدوليّة.
وبالفعل فقد نقل الطيران الصهيونيّ الرئيس الأمريكيّ «جو بايدن» يوم الجمعة 15 يوليو مباشرة من الكيان إلى جدّة لحضور هذه القمّة التي حضرها أيضًا حكّام دول مجلس التعاون إلى جانب كلّ من الأردن ومصر والعراق.
وبينما كان ابن سلمان يطمح إلى تشكيل ناتو عربيّ لمواجهة الجمهوريّة الإسلاميّة، فإذا بوزير الخارجيّة السعوديّ «فيصل بن فرحان» يصرّح بأنّ يد المملكة ممدودة للجارة إيران للوصول إلى علاقات طبيعيّة، ونفى وجود «تحالف دفاعيّ» مع الكيان الصهيونيّ المحتلّ أو أيّ نوعٍ من التعاون العسكريّ أو التقنيّ معه بل لا نقاش فيه، ورأى ابن فرحان أنّ قرار فتح الأجواء السعوديّة للطّيران المدنيّ لكيان الاحتلال «لا يعني أيّ تمهيدٍ لقرارٍ لاحق»، في إشارة إلى التطبيع بين الجانبين السعوديّ والصهيونيّ.
وكشفت وسائل إعلام صهيونيّة تراجع عددٍ من الدّول الخليجيّة والعربيّة عن مشروع إنشاء تحالفٍ عسكريّ في الشّرق الأوسط لمواجهة إيران، على غرار «حلف الناتو»، حيث قالت «صحيفة إسرائيل هاليوم» في تقريرٍ لها، إنّه «رغم التقارير التي تتحدّث عن محادثات بين الكيان المحتل والدّول العربيّة؛ لإنشاء تحالفٍ عسكريّ في الشّرق الأوسط على غرار «حلف الناتو»، إلّا أنّ هذه الخطوة لن تتحقّق على ما يبدو»، إذ كان من المفترض الإعلان عن إنشاء مثل هذا التّحالف، خلال زيارة الرئيس الأمريكيّ «جو بايدن» للمنطقة بحسب الخطّة الأصليّة، والتي كان من المفترض أن يكون هدفها مواجهة التهديد الإيرانيّ – حسب تعبيرها.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسيّ سعوديّ أنّ الرياض ليست مستعدّة لإقامة تحالفٍ دفاعيّ رسميّ مع الكيان الصهيونيّ، بغضّ النّظر عن موقفها من إيران، في حين لا يتّفق كبار ضبّاط الأمن في الكيان المحتل حول فوائد مثل هذه التحالف، بل إنّ بعضهم يجادل بأنّ العيوب ستفوق الفوائد.
وكان ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير قد قال في بيان له إنّه يؤمن بأنّ الفشل هو عنوان زيارة بايدن الموبوءة، والتي ستجرّ معها ذيول الخسران، خاصّةً أنّها تأتي لتثبيت الأنظمة الاستبداديّة في المنطقة، وتعويضًا يائسًا عمّا يسمّى «اتفاقيّات إبراهام التطبيعيّة» مع العدوّ الصهيونيّ، مؤكّدًا أنّ كلّ هذه السياسات الأمريكيّة لن ترهب محور المقاومة الذي يزداد اليوم قوّة وتماسكًا، وتتوسّع رقعته ليشمل دولًا ومنظّمات وشعوبًا جديدة قرّرت أن تواجه المشاريع الاستكباريّة، وتدعم قضيّة فلسطين التي هي قضيّة الأمّة المركزيّة.