ولفت سماحته في كلمته خلال افتتاح مؤتمر «تجديد الخطاب الإعلاميّ وإدارة المواجهة» يوم الإثنين 5 يوليو/ تموز 2021 إلى أنّ تطوير المواجهة الإعلاميّة يرتكز إلى كونها جزءًا أصيلًا في المعركة، وضرورتها لمواكبة التطوّر في الساحات «العسكريّة والأمنيّة والسياسيّة»، لأنّ الخطاب يعبّر عن هذا التطوّر ويبيّنه ويظهره.
وشدّد على أنّ الحاجة إلى هذا الخطاب مُلحة بسبب ما مَرّ على المنطقة خلال عقد من الزمن من تطوّرات عاصفة، ومن فتن سوداء وشديدة التأثير وعميقة الأثر، والتي كان من جملة أهدافها أن تَضيع فلسطين وتَذهب وتُنسى، موضحًا أنّها كادت أن تُنسى لولا صمود محور المقاومة وانتصاره في مواجهة هذه الفتنة الكبرى.
ولفت سماحته إلى أنّ من جملة العوامل الداعية إلى هذا التجديد في الخطاب صمود «محور المقاومة» خلال عشر سنوات، وانتصاره في أكثر من ساحة وميدان، حيث قال «الآن نحن نَقول جُملة قد يَراها الناس جملةً بسيطة أو صغيرة، عندما نَقول: صمود محور المقاومة في دوله وحكوماته وحركاته وأحزابه وشعوبه وبيئته، كلمة ولكن قُدم فيها كمّ هائل من الشهداء والجرحى والدموع والدماء والآلام والمخاطر والتحديات والصعوبات والهواجس ومعارك الوجود»، مضيفًا من جملة الدواعي أيضًا انتصار المقاومة الفلسطينيّة المُدوي في معركة «سيف القدس» وما فَرضته من معادلات جديدة، والتحدّيات القائمة ولأنّ المعركة مستمرّة لم تَنتهِ، بل هي في تَصاعد وأمام مخاطر وتحدّيات وآمال ومعادلات جديدة.
ورأى السيّد نصر الله أنّ هذا الخطاب الإعلاميّ عليه أن يكون بمواجهة الاحتلال الإسرائيليّ لفلسطين والهيمنة الأمريكيّة في المنطقة، لافتًا إلى غزّة التي هي خارج دائرة الاحتلال، والجولان السوري المُحتل ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبنانيّ من بلدة الغجر، مؤكّدًا أنّ في هذه المواجهة لا يَصح التفكيك، فالهيمنة الأمريكيّة هي أساس بل هي الأخطر، لأنّها بحدّ ذاتها هي مشكلة لِدول المنطقة وشعوبها، وهي قائمة على سَلب القرار ونَهب الخيرات وفَرض الأنظمة ومَنع الشعوب من تقرير مصيرها في أيّ مجال من المجالات، ولأنّها تَحمي «إسرائيل»، فلا يُمكن تحرير فلسطين بِمعزل عن مُواجهة الهيمنة الأمريكيّة في المنطقة، لأنّ هذه الهيمنة هي التي حولّت الأَنظمة والجُيوش إلى هَياكل مَيتة، لا حَركة فيها ولا إرادة ولا فِعل، وهي التي تُقدّم كلّ الدعم والإسناد وعناصر البقاء لِهذا الكيان الغاصب.
وتطرّق سماحته إلى ما جرى بعد نحو 12 يومًا فقط من المعركة في «سيف القدس»، حين بدأت الأصوات في الكيان الصهيوني تَرتفع وتُناشد الولايات المتحدة الأمريكيّة بِدعمها في مجال ما تَحتاج إليه القبة الحديدية من صواريخ لِمواجهة صواريخ المقاومة، وهو ما يؤكّد أنّ هذا الكيان أصلًا مَرهون بوجوده وبَقائه واستمراره وعُلوّه واستعلائه وعتوه وتكبّره وما يسمّى «تفوّقه» للهيمنة الأمريكيّة والدعم الأمريكيّ والمساندة الأمريكيّة، مضيفًا «ولذلك في خطابنا وفي مواجهتنا نحن لا نَستطيع أن نُفكك ولا أن نَعزل، كل مجزرة يَرتكبها جيش العدو هي مجزرة أمريكيّة كما هي إسرائيليّة، كلّ عدوان إسرائيليّ هو عدوان أمريكيّ كما هو عدوان إسرائيليّ».
وأشار إلى أنّ الهيمنة الأمريكيّة في المنطقة تتحوّل أحيانًا إلى احتلال، مستشهدًا بما حصل في أفغانستان منذ نحو 20 عامًا، وأطماعها في العراق وعدوانها الأخير على الحشد الشعبيّ، وصولاً إلى الاحتلال الأمريكي المباشر في شرق الفرات في سوريا، فضلًا عن وجود قوّاتها في مناطق أخرى كجنوب اليمنكما يقال.
وأكّد سماحته إلى أنّ الخطاب الإعلاميّ في محور المقاومة كان ولا يزال يستند إلى عناصر قوّة أساسيّة، ومنها الحقّ مقابل الباطل الذي يعبّر عنه الإعلام الآخر، والقوّة والوقائع والحقائق الخارجيّة الميدانيّة السياسيّة، الثقافيّة، العاطفيّة، الوجدانيّة في الأمة، والحقائق والوقائع عند العدوّ، وعند الأمّة وشعوبها والمقاومين وبيئات المقاومة، مشدّدًا على ضرورة معرفة العدوّ، لافتًا إلى أنّ الصدق والمصداقيّة هما من عناصر القوّة في إعلام محور المقاومة.
وأضاف أنّ القاعدة الشعبيّة هي ممّا يستند إليه إعلام المقاومة والخطاب المقاوم في العالم العربيّ والإسلاميّ بتنوّعها الدينيّ والفكريّ والأيديولوجيّ والعقائديّ، والقومي والعرفيّ، وأيضًا الإمكانيات البشرية والماديّة الكبيرة التي يتمتع بها محور المقاومة هذه الأيام، مشيرًا إلى دور وسائل الإعلام في نقل حقيقة ما جرى في «معركة سيف القدس»، في وقت حاول الإعلام المأجور، ومنه خليجيّ، تشويهها.
ودعا سماحته إلى دراسة هذا الخطاب انطلاقًا من عناصر القوّة هذه وتطويره وتجديده على كلّ صعيد بما يتناسب مع كل التطورات الحاصلة في المنطقة، مع كلّ الإمكانيّات المتاحة عسكريًّا، أمنيًّا، سياسيًّا، إعلاميًّا، ثقافيًّا، اجتماعيًّا، ماديًّا وغيرها، وبما يتناسب أيضًا مع التهديدات والتحديات والفرص المتاحة، وخصوصًا العمل على تحويل التهديدات إلى فرص، مضيفًا «نحن بحاجة إلى مراجعة لغتنا، لغة خطابنا، الأدبيّات، المصطلحات، الأساليب، الوسائل، الأدوات، الأفكار، يعني المضمون والشكل، بالاستناد إلى هذه الثوابت نحن لا نريد أن نبدأ من الصفر، وإنّما نريد أن نبني على هذا الكمّ الكبير كمًّا ونوعًا من الإنجازات في محور المقاومة ومنها الإنجاز الإعلاميّ».