من وحي وطن: «ماهر الخباز» بطل حكاية عمرها مئات السنين
تنسج الشمس ضوءها أطيافًا تلقيها على نافذة لا تكاد تنفذ منها إلى داخل زنزانة صغيرة، في سجن على جزيرة بعيدة هي نفسها تكاد تكون سجنًا..
تنسج الشمس ضوءها أطيافًا تلقيها على نافذة لا تكاد تنفذ منها إلى داخل زنزانة صغيرة، في سجن على جزيرة بعيدة هي نفسها تكاد تكون سجنًا..
هي قصّة يروي أحداثها من عاشها، لحظات حاسمة لخّصت مسيرة جهاد وختمت بالشهادة، لترتقي أرواح أبت أن تعيش ذليلة.
ليلة السادس من أكتوبر 2011 خرجت مجموعة من الثوّار، يشدّون العزم على أن تزلزل صرخاتهم المدوية منطقة أبو صيبع، ككلّ ليلة، كي تبقى جذوة الثورة مشتعلة، فالليل صديقهم، يخفيهم عن أعين السلطة، ويُخرِجون فيه مكنونات صدورهم المكبوتة من ظلم السلطة ويتحدّونها بأساليبهم الخاصة.
هذه الليلة، خرجوا على عادتهم، ولم يكن أحد منهم يظنّ أنّ المسيرة قد تقمع قبل بدايتها، وقد يرحل واحد منهم إلى مثواه الأخير شهيدًا ..
«أحمد القطان» ذو الـ16 ربيعًا كان يتصدّر المتظاهرين السلميّين والعزل، لم يكن يحمل بيديه أيّ سلاح، بل حتى لم يكن مرتديًا ملابس واقية ضدّ الرصاص.
خطفتمونا من بين أحضان الانتفاضة؛ لتقتلوا الحماسة فينا وتكتموا أنفاسنا
ثمّ أحكمتم إقفال أبواب السجون وأحطتموها بعساكر مدججة
وحجبتم ضوء الشمس، ومنعتم الطيور من التغريد عند الغروب
أذقتمونا أنواع العذاب بقلوبكم الميتة المجرّدة من الشعور
نكّس رايتي الحسينيّة ومزّق أعلامي
أزل شعارات ديني وامحها عن جدراني
فوالله ما زحزحتها قيد أنملة من يقيني
فهي في قلبي منذ ولادتي بل قبل ذلك بحين
منذ أن عقدت نطفتي نطقت بحبّ الحسين
أيأتي العيد وأنتم لستم معي؟
يحملني الشوق إلى ذكريات كنتِ فيها تعايدينني بقبلة..
أمّاه اعذريني إن عايدتك ببطاقة
ثائر من صغر سنّي..
قد أرضعتني هوى أرضي
حين تعلو هامات وراء قضبان السجون
لم تطوّعها السياط ولا كفوف الحديد المتدليّة
جدرانها الموحشة نقشت ببصمات الصبر والإيمان..
هنا تضيء هالة من النور حين أغمض جفنيي..
لم يمهلنا القدر أكثر..
سرق منّا أجمل ابتسامة!
سرق منا عينين برّاقتين، كانتا تريان النهاية..
كانت تريان انتصار أمّة..