أيّها الشعبُ الثائرُ الصابرُ المنتصرُ فعلاً بإرادتِه وصمودِه، والظافرُ قريباً – إنّ شاء الله – بمرادِه، قد مضى على ثورتِك عامٌ من الزمنِ، حقّقت فيه ما يحقّقه غيرُك في أعوامٍ عدّة.
يا شعبنا الأبيّ، إنّ ما أبهرتم به العالمَ حقّاً هو إرادتُكم وقدرتُكم على الاستمرار، رغم كلِّ محاولاتِ التوهينِ، وشدّةِ البطشِ والقمعِ، وتكالبِ المحتلِّ الأجنبي وقوى الاستكبار الانتهازيّة، وتغافلِ الإعلامِ القريبِ والبعيدِ عنكم، وتعامي المجتمع الدوليّ عن ثورتِكم سوى الدول والشعوبِ الحرّةِ التي سلكت قبلكم دربَ الإباءِ والثورةِ والحريّةِ.
في عام الثورة هذا، علّمتم العالم كيف تنسجون خيوط الوطن بأهازيج التضحية والعطاء وسط ميدان الشهداء، وصدحتم بمطالبكم من على منبره بكلّ تحضّر وسلميّة، ومضيتم إلى عقر دار جلّادكم تُسمعونه أصواتَكم المطالبة برحيله في مسيرتي الديوان والصافريّة، وفتحتم صدوركم العارية لدباباته وجحافل جيشه ومن استقدم من غزاة لنصرته، ملبّين نداء الشهادة والثبات على الحقِّ “فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ “.
وفي العام ذاته، انفلتت العصابة الحاكمة من عقال البشريّة، فكشّرت عن أنيابها وأظهرت وجهَها البشعَ للعالمِ كلِّه، فلم تترك قبحاً ارتكبه من كان قبلَها من الطغاةِ والفراعنةِ وقطاّعِ الطرق، الّا ارتكبته وزادت عليه في الوضاعةِ والخسّةِ: من طعنة الخميس الغادرة إلى استباحة بلداتِنا ومناطقِنا بالأوباش والعصابات الملثّمة، فالاعتقالاتِ الليليّةِ على الهويّة، والتعرّض للحُرمات، وقطع الأرزاق، والاعتداءِ على الحرم الجامعيّ، وهدم ِالمساجد، وحرقِ القرآن الكريم، وقتلِ الشيوخ والأطفال، وانتهاكِ أعراض النساء والرجال.. جرائمَ فضحتْ مدى ما بلغته من إسفافٍ وانحطاطٍ وخروجٍ عن كلِّ قيمِ الإنسانيّة، حتى أيقن الشعبُ أنَّ العصابةَ المسلّطةَ عليه لا زالت تعتبر نفسها كقطّاع طرق غزاة، وترى الوطنَ غنيمةَ حربٍ، والشعبَ أسارى وعبيد، لا يحقّ له المطالبةُ بأبسطِ حقوقِه، وإلّا استحق الإبادة بالحديد والنار، فإن لم يكن، فبالدهسِ والتعذيبِ والسمومِ والتغييب.
لقد تمادت العصابة الحاكمة وعتت عتوّاً كبيراً، فأحرقت كلَّ الجسورِ المتهاوية بينها وبين الشعب الذي انغرست في نفسه قناعة واحدة هي: أنّ هذه الأرض لا تحمل كلينا، إما أنتم أيّها الغزاة أو نحن أصحابُ الحقّ والأرض.
من كلمة الائتلاف في مهرجان تدشين ” ميثاق اللؤلؤ ” ببلدة العكر الصامدة.