نؤكّد، في ذكرى «عيد الشّهداء» العظيمة وذكرى رحيل «العلاّمة المجاهد الشّيخ عبد الأمير الجمري (قدّه)»، في 17- 18 ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري، رؤيتنا حول طبيعة الصّراع المتواصل بين شعب البحرين وقبيلة آل خليفة، ونرى أنّه تأسّس على تناقض جوهريّ بين هويّة المواطنين الأصليّين من جهة والغزاة الخليفيّين من جهةٍ أخرى، فالأولى تقوم على الارتباط بالأرض وتاريخها وثقافتها التي شكّلت قيم الشّعب في الحرّية والكرامة، في مقابل هويّة آل خليفة بوصفهم غزاة احتلّوا البلاد والعباد عبر سياسة الاستيطان الاحتلاليّ، وشكّلت طباعهم في الغدر والإبادة والالتحاق بقوى الاستعمار. وأمام ذكرى الشّهداء الأبرار؛ نشدّد على مركزيّة هذا المنظور في تفسير تاريخ الغزو الخليفيّ، وطبيعة تحالف القبائل مع الإمبرياليّة الصّهيونيّة، وما حلّ على بلدنا وشعبنا من اضطّهاد وحشيّ، وإجبار الأهالي على الالتحاق بالهويّة الخليفيّة الغازية.وبهذه المناسبة، نسجّل في الموقف الأسبوعيّ العناوين الآتية:
1- نؤكّد في إطار رسم الرّؤية والفهم التفسيريّ وتحديد البرنامج العمليّ أنّ سفك الدّماء وسياسة السّخرة والتهجير وهتك الأعراض لم تكن ممارسات مؤقّتة ارتبطت بلحظة الاحتلال الخليفيّ وخاصّة في العام 1783م، فتلك الأفعال المشينة تشكّلت عميقًا في تركيبةِ قبيلة آل خليفة على امتداد تاريخها الغامض وهي تتنقّل في صحراء الجزيرة العربيّة، وصولًا إلى اجتياح البحرين بعد امتلائها بمخزون الانتقام والعنف المذهبيّ تحت تأثير العلاقة المعقّدة مع الوهابيّة بداية القرن التاسع عشر الميلاديّ. إنّنا ندعو إلى استحضار هذا المنظار لربط مجريات الأحداث، ولضمان الإتقان في تشييد أساسات المقاومة الثقافيّة والسّياسيّة، وبما يوفّر النجاح الفعّال في تحديد أهداف العمل المعارض.
2- نشدّد على أنّ ذكرى عيد الشّهداء في 17 ديسمبر/ كانون الأوّل هي مناسبة مركزيّة وغير قابلة للتّنازل، ليس فقط تعبيرًا عن الوفاء الصّادق للدّماء الزكّية، والمطالبة بالقصاص من القتلة، ولكن أيضًا لأنّها تحوّلت إلى محطّة كاملة في الصّراع المفصليّ بين الشّعب وآل خليفة، وللأسباب الآتية:
أ- ارتباط الذّكرى بانتفاضة الكرامة (ديسمبر 1994) التي أضحت مكوّنًا أساسيًّا في الوعي الثوريّ على مدى الأجيال.
ب- التّعارض بين ذكرى الشّهداء (17 ديسمبر) مع ما يُعرَف بيوم جلوس الطّاغية أو العيد الوطنيّ المزيّف (16 ديسمبر)، وما يعكسه ذلك من احتدام في الصّراع بين هويّة الطّرفين.
ج- إمعان آل خليفة في إجبار الشّعب على الاحتفال بيوم الجلوس، في مقابل منع إحياء عيد الشّهداء، تعبيرًا عن قلقهم من نموّ الوعي بهويّة الشّعب ورفض هويّة آل خليفة الدّخلاء.
د- لجوء آل خليفة إلى مواجهة الذّكرى بشكل سافر وأرعن، بإعلان ما يُسمّى «يوم الشّهيد»، لتمجيد مرتزقتهم القتلى، وإحياء الطّاغية وأبنائه هذا اليوم باستعراض عسكريّ وبرامج واسعة وتخصيص موازنة ضخمة لذلك، مع استمرار العداء المكشوف لشهداء الشّعب، وتكريم قتلتهم ومنحهم النياشين.
3- نجدّد، في أجواء «عيد الشّهداء»، وبعد أن ترسّخ هذا اليوم المجيد بوصفه عنوانًا جوهريًّا في الصّراع، دعوة العلماء الباحثين والمثقّفين وأصحاب الفكر الحرّ في البحرين إلى إنتاج الوعي والمعرفة والإحياء للرّاوية المغيّبة حول تاريخ الوطن والمجتمع والشّعب الأصيل، والتصدّي العلميّ والثقافيّ والإعلاميّ لأكاذيب الطّاغية حمد ورواية أجداده الغزاة حول «فتح» البحرين، وإظهار الخلفيّات التكفيريّة والإرهابيّة وراء هذا المصطلح المشبوه، وكونه غطاء في ارتكاب أبشع أشكال الإبادة الثقافيّة بحقّ شعبنا، بما في ذلك مخطّط اجتثاث الذّاكرة، وطمس الوجود التاريخيّ والثقافيّ لأهل البلاد الأصليّين، مع اعتبار هذه المعركة مسؤوليّة وطنيّة ودينيّة ومصيريّة في هذه المرحلة الخطرة من الصّراع.
4- نعبّر عن الاستهجان والاستخفاف بما ورد في كلمة وزير الإرهاب «راشد عبد الله الخليفة» بمناسبة ما يُسمّى «يوم شرطة البحرين»، ونؤكّد أنّ ما يذيعه هذا المجرم من أكاذيب حول القيم والأمن والتسامح لن ترفعه عن قائمة المطلوبين للعدالة بتهم سفك الدّماء وهتك الحرمات، ولا سيّما بعد ثورة 14 فبراير 2011، فهو المسؤول عن تنفيذ الحرب المفتوحة على الشّعائر الدينيّة، واستهداف كبار العلماء، والتخطيط المبرمج لتفريغ قيم المجتمع وعقيدته، لصالح استزراع هويّة ممسوخة تقوم على الولاء للطّاغية ورجاله من المرتزقة، وتعميم ثقافة التفسّخ والتوحّش الرّأسماليّ والتبعيّة للأمريكيّين والصّهاينة، وتعويمها.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير













