عندما يصبح الإهمال الطبيّ في السجون أداةً للقهر السياسي والقتل البطيء، تتجسّد المأساة في أبشع صورها، وتتجلّى في فقدان الأبرياء حياتهم من دون الحصول على فرصة للعلاج أو الإنصاف.
نتوقّف، في الذكرى الأولى لاستشهاد المعتقل السياسيّ «الأستاذ حسين علي أمان»، لنتأمّل قصةً موجعة تختصر رحلة كفاحٍ وألم، رحلةً اختتمت بموتٍ مروع نتيجة الإهمال الطبيّ في سجن جوّ المركزيّ.
«حسين علي أمان» ذلك الشاب الذي ظلّ عنوانًا للمقاومة والثبات على المبدأ، كتبت نهايته بأيدي سلطة لم ترتضِ حتى بمنحه حقّه في الحياة أو في العلاج؛ في ليلة قدرية من ليالي ديسمبر/ كانون الأول، سُلبت حياة هذا الأستاذ بفعل فاعل، فحتى آخر أنفاسه صودر حقّه في الحياة بتجاهلٍ وتماطلٍ متعمّد من إدارة السجن التي لم تبادر إلى نقله إلى المستشفى بالرغم من شدّة مرضه.
لم يكن استشهاد «حسين أمان» حدثًا معزولًا، فقبله استشهد المعتقل «حسين الرامي» وغيره الكثيرون من أصحاب الأصوات الحرّة التي أخرست خلف القضبان بأسوأ أشكال العقوبة: «الإهمال الطبيّ».
لا يمكن للكلمات أن تعيد حسين إلى أحضان عائلته أو تمحي الألم الذي خلّفه فراقه، لكن يجب أن تكون هذه الذكرى جرس إنذار لكلّ الضمائر الحيّة، لكلّ المنتمين إلى الإنسانية، للمطالبة بإنهاء الاستخدام الفظّ للإهمال الطبيّ كأداة لقمع الآراء وكبت الحريّات.
إن الدماء التي سُفكت في سجن جو لم تكن مجرّد دماء شهيد، بل كانت صرخة في وجه الظلم ونداء للعدالة، نداء يصرخ مطالبًا بحقّ الحياة والكرامة لكلّ المعتقلين السياسيّين الذين يواجهون المصير ذاته الذي واجهه حسين.
يجب ألّا يمرّ استشهاد «حسين أمان» مرور الكرام، بل ينبغي أن يتحوّل إلى رمز للنضال في وجه القهر، وأن يكون حافزًا للجميع للوقوف صفًا واحدًا في وجه الانتهاكات المروعة التي تطال الأبرياء.
عند هذه الذكرى الأليمة، نُجدّد العهد على أن نظلّ الصوت الذي لا يخشى في الحقّ لومة لائم، الصوت الذي يعلو ولا يهاب في مواجهة الظلم والاستبداد؛ ليكن استشهاد «حسين علي أمان» محطّة للتأمّل والعمل الجاد نحو واقعٍ يسوده العدل والإنصاف، واقعٍ لا يُضطهد فيه أحدٌ بسبب آرائه أو يُعاقب بالموت لمجرّد التعبير عنها.







![مونتاج ملخّص الموقف الأسبوعي [96]](https://14f2011.com/feb/../nfiles/2025/11/IMG_20251108_030252_070-150x150.jpg)













