يشكّل العديد من الأحداث في تاريخ الأوطان محطّات ثابتة تترك بصمتها فيه، وتكون محور تحرّك الشعوب، وانطلاقة متجدّدة، ولا سيّما حين تثور منتفضة بوجه الظلم والطغيان لنيل حقّها في تقرير مصيرها.
«الاستفتاء الشعبيّ والعريضة الشعبيّة» من أبرز الأحداث التي شهدتها ثورة 14 فبراير، إذ شهدا إقبالًا شعبيًّا ومشاركة ضخمة من أبناء شعب البحرين، وذلك مطالبة بحقّهم في تقرير مصيرهم تحت ظلّ حكم سياسيّ ودستور جديد ينبثق من إرادتهم.
الاستفتاء الشعبيّ:
مشروع انبثق بعد مشاورات واسعة بين قوى المعارضة والمجاميع الشبابيّة وبعض الشخصيّات المستقلّة، وعلى إثر ذلك جاء الإعلان عنه في كلمة لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير يوم الخميس 25 سبتمبر/ أيلول 2014، في تجمّع جماهيريّ حاشد في سترة، حيث كشف تكليف هيئة وطنيّة مستقلّة لإدارته وتنفيذه، والتي عملت بعد تعيين «الأستاذة بلقيس رمضان» رئيسة لها إلى جانب عدد من الأعضاء، على فتح باب التطوّع لعشرات الشبّان والشابات لإعداد برنامج تنفيذ المشروع على أرض الواقع.
في 21 و22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، وتزامنًا مع انطلاق انتخابات النظام الخليفيّة والتي خلت مراكزها من المقترعين، شهدت مقارّ الاستفتاء الشعبيّ في كافّة أنحاء البحرين حضورًا واسعًا من جماهير الشعب البحرينيّ، للتصويت على عمليّة «الاستفتاء الشعبيّ» لتقرير المصير، وفاق الإقبال الشعبيّ حدّ التوقّعات.
وحظيت العمليّة بمواكبة إعلاميّة محليّة ودوليّة قويّة، إذ تزامن ذلك مع وجود 400 إعلاميّ بين مصوّرٍ وصحافيّ و20 قناة تلفزيونيّة فضائيّة، إضافة لـ30 صحيفة عربيّة ودوليّة، و10 وكالات أنباء بما فيها كبريات الوكالات العالميّة بالإضافة إلى أهمّ وكالات الأنباء العربيّة، كلّها كانت من أجل تغطية انتخابات النظام آنذاك، ولكن استباق تنفيذ الاستفتاء قبل الانتخابات بيوم كان ناجحًا في استقطاب الأضواء الإعلاميّة نحوه.
وحاول النظام عبثًا إفشال عمليّة الاستفتاء الشعبيّ بفرض إجراءات أمنيّة مشدّدة، والهجوم على بعض القرى لمنعها، وقد تعرّض 7 مقارّ للاستفتاء من أصل 44 مقرًّا لاعتداء مباشر على يد قوّات النظام الذي اعتقل كذلك النساء والعجزة على خلفيّة مشاركتهم بالاستفتاء.
العريضة الشعبيّة:
هي عريضة تدعو إلى دعم مبادرة إجراء انتخابات حرّة في البحرين لتشكيل مجلس تأسيسيّ يتولى صياغة دستور جديد، وقد أطلقتها الهيئة الوطنيّة للعريضة الشعبيّة يوم الخميس 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.
وطالبت العريضة بمساندة شعب البحرين لإخراجه من سلطة الأمر الواقع إلى بناء دولة مدنيّة تستمدّ شرعيّتها من الإرادة الشعبيّة، انطلاقًا ممّا أقرّته الأمم المتحدة في مواثيقها بحقّ الشعوب في الحريّة وتقرير المصير واختيار النظام السياسيّ الملائم لها، وبموجب العهود والمواثيق الدوليّة ومسؤوليّتها في حفظ الأمن والاستقرار العالميّ، وباتخاذ الإجراءات المناسبة لإجراء انتخابات حرّة، وبرعاية أمميّة لانتخاب مجلس تأسيسيّ تقع على عاتقه مهمّة صياغة دستور جديد يعمل على تشكيل نظام سياسيّ يحفظ للبحرين أمنها وينمّيها ويساعد على استقرارها على أساس نيل الشعب جميع حقوقه السياسيّة في جو ديمقراطيّ لا يستند إلى اللون أو الطائفة.
وحظيت العريضة الشعبيّة بتأييد العديد من الناشطين البحرانيّين والحقوقيّين والنخب العربيّة والإسلاميّة، الذين أعربوا عن دعمهم المشروع، وأكّدوا بمواقفهم أنّ المجلس التأسيسيّ هو الحلّ الأنجع في البحرين.
وقد سُلّمت العريضة وقوائم تواقيع المواطنين عليها للمكتب الإقليميّ للمفوضيّة السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – في العاصمة اللبنانيّة بيروت، في 4 فبراير/ شباط 2022.
موقف ائتلاف 14 فبراير من «الاستفتاء الشعبيّ والعريضة الشعبيّة»
أعرب ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير، ومنذ انطلاق كلا المشروعين «الاستفتاء الشعبيّ (2014) والعريضة الشعبيّة (2018)»، عن دعمه وتأييده المطلق لهما، حيث رأى أنّهما يعبّران بوضوح عن رؤية شعب البحرين الذي يرفض أن يحكمه بالقوّة نظام ديكتاتوريّ مطبّع مع الصهاينة ومتحالف مع قوى الشرّ والاستكبار، ومفرّط بسيادة البلاد.
ولفت إلى أنّ موجبات طرح المشروعين مكتملة: من فقدان شرعيّة آل خليفة الشعبيّة والقانونيّة منذ فرض دستور 2002 بالقوّة، وجود قوّات احتلال أجنبيّة (سعوديّة- إماراتيّة) منذ 2011، حرمان الشعب البحرانيّ، بجميع طوائفه، من الاستقرار الأمنيّ والمشاركة في القرار السياسيّ، تهديد الهويّة والتاريخ البحرانيّ، خاصةً بعد مشروع التجنيس السياسيّ الذي بدأ العام 1999، واندلاع ثورة شعبيّة منذ 2011، مطالبة بدستور جديد ونظام سياسيّ يلبيّ طموحات الشعب.
ووجد أنّ أهدافهما المنشودة مشروعة ومن حقّ شعب البحرين، وهي إنشاء أرضيّة سياسيّة مشتركة تجمع بين مختلف تيّاراته وشخصيّاته، إيجاد سقف سياسيّ وسطيّ يشمل مطالب الجماهير، تأكيد حقّه في تقرير مصيره واختيار نظامه السياسيّ، تعزيز نهج البحرين السلميّ في المطالب المتعلّقة بتقرير المصير، تفعيل مقاطعة الانتخابات بطريقة عمليّة وإعادة الزخم للحراك الشعبيّ بعد سنوات من النضال والتضحيات.
الذكرى الحادية عشرة للاستفتاء الشعبيّ:
جدّدت الهيئة الوطنيّة المستقلّة للاستفتاء الشعبيّ، بمناسبة الذكرى الحادية عشرة للاستفتاء، الدعوة إلى جعل الإرادة الشعبيّة أساسًا لأيّ معادلة سياسيّة قادمة، مشيرة إلى أنّ شعب البحرين سجّل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 ملحمة كبرى بمشاركته التي قلّ نظيرها في صناديق الاستفتاء الشعبيّ، على الرغم من كلّ الضغوطات الأمنيّة الهائلة، حيث كانت مشاركةً فاقت كلّ التوقّعات وأثبتت أنّ هذا الشعب حيّ، وواعٍ، وشجاع، ومؤمن بحقوقه، وجديرٌ بكلّ احترام لحقوقه السياسيّة والمدنيّة، مؤكّدة أنّ ذلك اليوم كان شاهدًا على قدرة البحرينيّين على اتخاذ موقف حضاريّ وسلميّ يعكس نضجهم السياسيّ وعمق إحساسهم بالمسؤوليّة تجاه وطنهم.
ورأت أنّ الأعوام الماضية أثبتت أنّ البحرين بحاجة ماسّة إلى مخرج سياسيّ وطنيّ يعيد فتح أبواب الوطن لأبنائه، وينهي حالة التعسّف السياسيّ، ويُطلق صفحة جديدة قائمة على العدالة والمشاركة وصون حقوق الإنسان، وأنّ مبدأ الاستفتاء الشعبيّ – بما يمثّله من أداة سلميّة وحضاريّة لتجسيد الإرادة العامّة – يمكن أن يشكّل قاعدة متينة لأيّ مسار وطنيّ جامع يهدف لإنهاء حالة الانسداد السياسيّ، وبناء دولة تحتضن جميع أبنائها من دون استثناء.
الذكرى السابعة للعريضة الشعبيّة:
وضعت الهيئة الوطنيّة للعريضة الشعبيّة في الذكرى السابعة لانطلاقها، أمام الرأي العام، آخر مستجدّات التطوّر الأبرز في مسارها، والمتمثّل في تسليم قوائم تواقيع المواطنين رسميًّا إلى مكتب الأمم المتحدة – المكتب الإقليميّ للمفوضيّة السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – في العاصمة اللبنانيّة بيروت، بتاريخ 4 فبراير/ شباط 2022، خلال اجتماع رسميّ، جرى فيه استعراض معطيات العريضة الشعبيّة وشرح أهدافها، قبل إحالة قوائمها إلى المكتب الرئيسيّ في مدينة نيويورك – الولايات المتحدة الأمريكيّة.
وأكّدت أنّ الاتصالات والمتابعات مستمرّة بشكل مباشر مع ممثّلي الأمم المتحدة في بيروت ونيويورك، ضمن القنوات الرسميّة، لضمان إبقاء ملفّ العريضة حاضرًا في منظومة المتابعة الدوليّة، موضحة أنّها طالبت منذ بدايتها بـ«انتخاب مجلس تأسيسيّ يتولى كتابة دستور جديد للبلاد»، وهي جاءت كتعبير حضاريّ وسلميّ عكس رغبة المواطنين في وضع حدّ لحالة الانسداد السياسيّ، وتأسيس نظام ديمقراطيّ قائم على المشاركة الشعبيّة والعدالة والمساواة وسيادة القانون.







![مونتاج/ ملخّص الموقف الأسبوعي [٩٤]](https://14f2011.com/feb/../nfiles/2025/10/سجناء-البحرين-2-150x150.jpg)
![مونتاج ملخّص الموقف الأسبوعي [96]](https://14f2011.com/feb/../nfiles/2025/11/IMG_20251108_030252_070-150x150.jpg)











