قالت منظّمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان إنّها تتابع بقلق بالغ التطوّرات الأخيرة المتعلّقة بواقعة وفاة الشاب البحّار «عبد الله حسن يوسف» في عرض البحر في البحرين، وما رافقها من تناقضات في روايات وزارة الداخليّة والنيابة العامّة من جهة، وتجاهل الإفادات وأقوال الشهود من جهة أخرى، والتسرّع في إصدار الإدانات قبل انتهاء التحقيق والبحث والتحرّي.
ووصفت في بيان لها يوم السبت 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025 بيان النيابة العامة الصادر في تاريخ 23 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2025 بأنّه غير مهنيّ، ومتسرّع، ومنحاز لرواية وزارة الداخليّة التي قالت فيه على لسان نائب رئيس نيابة محافظة المحرق إنّه عندما صدر الأمر للمتهمين بالتوقف حاولوا الفرار، وحينها انحرف قاربهم باتجاه قارب قيادة خفر السواحل واصطدم به، وإنّها أمرت بالبحث عن المفقود وحبس اثنين من المتهمين، وإخلاء سبيل القاصر عبدالله البحراني (16) سنة، ولم تأمر بحبس أو التحقيق مع أفراد وزارة الداخليّة الذين كانوا على متن قارب خفر السواحل.
ورأت أنّ النيابة العامّة أظهرت انحيازًا صريحًا لصالح وزارة الداخليّة منذ اللحظات الأولى للإعلان عن القضيّة، ما يفقدها صفة الحياد والاستقلال الواجب توفرهما في جهة الادّعاء، داعية إلى تعيين هيئة قضائيّة مستقلّة لتولى ضمان حسن سير القضيّة، بإسناد كامل إجراءات التحقيق، بما يشمل التحقيق مع النيابة العامة نفسها حول شبهات التواطؤ والتقصير وإخفاء أو تزوير الأدلّة، وحماية الأدلّة الجنائيّة وضمان الشفافية أمام الرأي العام، خصوصًا في ظلّ روايتين متناقضتين: رواية الداخليّة ورواية رفاق الشهيد الذين يقولون إنّ قارب خفر السواحل اصطدم بهم واعتلى قاربهم، بما تسبّب في سقوط عبد الله في عرض البحر.
واستنكرت المنظّمة صدور حكم الإدانة على رفاق الشهيد قبل انتهاء التحقيق، حيث قالت إنّ كلَّا من النيابة العامة ووزارة الداخليّة أخلّ بمبدأ الحياد، بل جزمت وزارة الداخليّة علنًا، في تاريخ 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، وقبل انتهاء التحقيق وصدور حكم الإدانة، بالتصريح الآتي: إحالة المتسبّبين في وفاة المواطن ممن كانوا معه على القارب إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونيّة، وهو ما يعدّ خرقًا واضحًا لقرينة البراءة ومبادئ العدالة، ويفرض خضوع الوزارة للمساءلة القانونيّة. كما أنّ عدم التحقيق أو استدعاء أفراد دوريّة خفر السواحل التي كانت متورّطة في الحادث كمشتبه بهم يكرّس مبدأ الإفلات من العقاب، ويخلّ بمبدأ العدالة والتحقيق الشفاف والموضوعي.
وذكّرت بالمعايير الدوليّة الخاصّة بقانون البحار التي تنصّ على كيفيّة التعامل المتدرّج حتى مع البحّارة المخالفين، من خلال عدد من الإجراءات مثل الإنذارات الضوئيّة والشفهيّة قبل استخدام أيّ شكل من أشكال القوّة، وحول قوانين الأمم المتحدة المتعلقة بعدم جوازيّة استخدام القوّة التعسفيّة، والتدرّج في استخدام القوّة بما تنص عليه معايير الأمم المتحدة حول مدوّنة قواعد سلوك موظفي إنفاذ القانون.
وشدّدت منظّمة سلام على ضرورة صون الأدلّة الحاسمة من العبث أو الإخفاء، وعلى رأسها تقرير تشريح الجثة والتقرير الفنّي، كما يجب نشر نتائجه بشكل علنيّ، وإشراف لجنة طبيّة جنائيّة مستقلّة على كامل إجراءات الطبّ الشرعيّ، لافتة إلى أنّ أحد أهمّ الأدلّة هي التسجيلات المصوّرة للواقعة، ولذا فإنّ المقاطع المرئيّة المجتزأة التي نشرتها وزارة الداخليّة هي مقاطع مضلّلة للوصول إلى الحقيقة، وتُعدّ شبهة جنائيّة.
وطالبت بحماية الشهود في هذه القضيّة من حملات الانتقام، خصوصًا بعد أن أفادوا بشهاداتهم في العلن، وهو ما قد يعرّضهم لعواقب، وخصوصًا مع بيان وزارة الداخليّة الأخير الذي حوّل الشهود إلى «متسبّبين»، معربة عن خشيتها من أنّ هذا الاتهام بتحويل الضحية إلى جانٍ هو نتيجة الشهادة التي أدلوا بها خلال اتصالات من السجن وانتشرت في مواقع التواصل الاجتماعيّ، مؤكّدة أنّ تحقيق العدالة في هذه القضيّة لن يتحقّق إلّا من خلال تحقيق شفاف، جادّ، ومستقل، يكشف الحقيقة كاملة، ويحاسب المتورّطين أيًّا كانت مواقعهم الوظيفيّة أو المؤسسيّة.
ودعت المنظّمة المجتمع الدوليّ والآليّات الأمميّة المعنيّة إلى متابعة القضيّة عن كثب، ضمانًا لحقوق الشهيد وعائلته، ومنعًا لتكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلًا.






![مونتاج/ ملخّص الموقف الأسبوعي [٩٤]](https://14f2011.com/feb/../nfiles/2025/10/سجناء-البحرين-2-150x150.jpg)
![مونتاج ملخّص الموقف الأسبوعي [96]](https://14f2011.com/feb/../nfiles/2025/11/IMG_20251108_030252_070-150x150.jpg)











