ما يجري في الخفاء ويحاك في الغرف السود، ولا سيّما على صعيد تآمر بعض الدول الخليجيّة على شعوب المنطقة، يكشفه الإعلام الصهيونيّ على بياض، بل يفضح أدقّ التفاصيل، التي يُفترض أن تكون «سريّة للغاية».
الصحيفة الصهيونيّة «إسرائيل هيوم» ذكرت أنّ الدول الثلاث «السعوديّة والإمارات والبحرين» حذّرت من انهيار وقف إطلاق النار في غزّة بسبب تنازلات الوسطاء تجاه رفض حركة حماس نزع سلاحها.
ووفق عدّة مواقع إعلاميّة عربيّة، نقلت تقرير الصحيفة الصهيونيّة، فقد غُيّب ذكر النظام الخليفيّ (البحرين) عن سجلّ المطالبات والدعوات المباشرة إلى نزع سلاح «حماس»، مكتفية بالقول، وعن الصحيفة التي نقلت عن مصادر سياسيّة عربيّة وأمريكيّة، إنّ ثمّة دعوات في هذا السياق صدرت من «الدولتين الخليجيّتين» ممّن أسمته «المحور السنيّ المعتدل» للبيت الأبيض وراعيَي الاتفاق «ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر».
دعوات تتضمّن تحذيرات من سلوك حماس «منذ وقف إطلاق النار، والذي يتضمّن القضاء بشكل منهجي على معارضيها في العشائر المتنافسة، والمظاهرات المسلّحة في الشوارع، وجمع الحماية من التجار المحلّيين، والتصريحات القويّة من قبل كبار مسؤوليها ضدّ نزع السلاح».
التحذير السعوديّ كان من خلال مناشدة لواشنطن، وفق الصحيفة الصهيونيّة، من أنّه في حال عدم وجود ردّ أمريكي حاسم، وتغيير مسار الوسطاء «مصر وقطر وتركيا» لتطبيق بنود الاتفاق مع حماس، فإنّ السعوديّة لن تكون جزءًا من العمليّة المتبقّية (أي إعادة إعمار غزّة)، وهذا ما أكّده مصدر دبلوماسيّ سعوديّ للصحيفة أنّ هذه الرسائل قد نُقلت للأمريكيّين، وأنّ السعوديّة دأبت على التحذير وتوضيح موقفها منذ أشهر من استحالة حلٍّ ناجع لحرب غزّة ومستقبلها، وللفلسطينيين عمومًا،
من دون استبعاد «حماس» من المعادلة، محمّلًا إيّاها مسؤوليّة ارتقاء عشرات آلاف الشهداء، والأضرار الجسيمة التي خلّفها العدوان الصهيونيّ في قطاع غزّة، مضيفًا: «المقاومة جلبت كارثةً أشدّ فظاعة من النكبة. ومن الواضح تمامًا أنّها ستُحبط أيّ قوّةٍ تدخل القطاع لفرض النظام، سواء فلسطينيّة أو عربيّة أو دوليّةً. ومن الواضح تمامًا أنّه ما لم يكن هناك تحركٌ حقيقيٌّ لإزالة نفوذ حماس وسيطرتها في القطاع، فلن تكون هناك فرصةٌ لإعادة تأهيلها».
الإمارات من جهتها، لم تقلّ لهجة تحذيرها حدّة عن اللهجة السعوديّة، فهي أعلنتها بالفم الملآن أنّها لن تسهم في إعادة إعمار المناطق الخاضعة لسيطرة حماس، ولكنّها ستواصل عمليّات إعادة الإعمار في مناطق جنوب قطاع غزّة الخاضعة للسيطرة العسكريّة الصهيونيّة، ما لم تكن هناك خطة لنزع سلاح حماس وتولّي قوّات دوليّة السيطرة المدنيّة والأمنيّة الكاملة.
الصحيفة الصهيونيّة عزّت «عدم مشاركة محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في قمّة شرم الشيخ» إلى عودة قطر الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين وحماس إلى الواجهة، والتي لم يسمّها السعوديّون باسمها في رسائلهم للأمريكان، بل حذّروا من أنّ النفوذ المتزايد «للدول التي تُقوّض الاستقرار في المنطقة» سيُعيق مسار الازدهار الذي تحدّث عنه ترامب.
هذا الغياب رأى مراقبون أنّه لم يكن «مصادفة بروتوكوليّة»، بل إنّه ابتزاز علنيّ: لن نمنح مصر وقطر وتركيا غطاءً لصفقة تسمح بحضور مؤقّت لحماس.
اللافت بأغلب التقارير العربيّة التي نقلت عن الصحيفة الصهيونيّة هذا الخبر أنّها اكتفت بذكر البحرين ضمن دول التطبيع العربيّ التي اشترطت خلال محادثات مع الإدارة الأمريكيّة مشاركتها في إعادة إعمار قطاع غزّة بإسقاط المقاومة وتفكيك سلاحها.
وهنا يمكن اعتبار الموقف الخليفيّ بالتابع الذي يُلزم زجّ اسمه لكثرة العدد وتقوية القرار، ذلك أنّه لا يمكن له أن يرفض الأوامر السعوديّة، وقد يكون هو من استجدى زجّ اسمه مع السعوديّة والإمارات إرضاء لحليفه الصهيونيّ، وقد يكون خاضعًا، كما هو دأبه، للإرادة الأمريكيّة ولبنود اتفاقيّات التطبيع التي لطالما أمالت موقفه إلى العدوّ الصهيونيّ على حساب فلسطين وقضيّة غزّة.