أثار اعتراض «أسطول الصمود العالميّ» موجة احتقان عالميّة؛ ففي برشلونة وبوينس آيرس وتونس وسيدني، خرجت مسيرات حاشدة ضمّت عشرات الآلاف تنديدًا باحتجاز السفن الإنسانيّة واعتقال نحو خمسمئة راكب من مختلف القارات.
في بلجيكا، تجمّع آلاف المحتجين أمام البرلمان الأوروبي، بينما دعت النقابات في إيطاليا إلى إضراب عام للمطالبة بوقف فوريّ لـ«الآلة الصهيونيّة الإباديّة»، ذلك أنّ وجود شخصيّات معروفة على متن الأسطول ضاعف من الصدى الإعلاميّ. فقد كانت غريتا تونبرغ، ورئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو، والنائبة الأوروبيّة الفرنسيّة- الفلسطينيّة ريما حسن ضمن المعتقلين. المشهد الذي بثّته الأخيرة مباشرة قبل أن تُقطع الإشارة ويُلقى بهاتفها في البحر بقي محفورًا في الذاكرة الجماعيّة.
ولم تكتفِ سلطات الاحتلال باعتقال الناشطين؛ بل زجّت أيضاً بعشرين صحفيًّا في السجن، فيما وصفته منظّمة «مراسلون بلا حدود» بأنّه «انتهاك جسيم لحريّة الصحافة» — رغم أنّ هذه العبارة لا تعبّر عن حجم الجريمة، إذ قُتل أكثر من 220 صحفيًّا عمدًا في غزّة خلال العامين الماضيين على يد الجيش الصهيونيّ.
هذا وكانت التحرّكات الدبلوماسيّة سريعة، فقد طردت كولومبيا الدبلوماسيّين الصهاينة وعلّقت اتفاقية التجارة الحرّة مع تل أبيب. أما في أوروبا، فقد طالبت حكومات فرنسا وألمانيا وإيرلندا وإسبانيا واليونان باحترام حقوق المعتقلين، مذكّرة بأنّ الحصار – حتى وإن ادّعي أنّ «قانونيّ» – لا يبرّر اعتراض سفن في أعالي البحار تحمل أعلامًا أجنبيّة.
المقرّرة الخاصّة للأمم المتحدة بشأن فلسطين «فرانشيسكا ألبانيزي»، وصفت العمليّة من جهتها بأنّها «اختطاف غير قانونيّ»، فيما أكّد خبراء القانون الدولي أنّ اتفاقية مونتيغو باي لعام 1982 تحصر الولاية القضائيّة بدولة العلم، وأنّ السفن كانت داخل المنطقة الاقتصاديّة الخالصة لمصر، أي خارج أيّ صلاحية للاحتلال.
يأتي هذا في وقت اكتفت خارجيّة النظام الخليفيّ بإصدار بيانين لا يدينان الكيان الصهيونيّ الذي لم يكتفِ باعتقال مواطنين بحرينيّين بل احتجزهما ولم يفرج عنهما، بل لم تتطرّق أصلًا إلى سبب الاعتقال غير القانونيّ.