زار وزير الداخليّة «راشد الخليفة»، في 25 سبتمبر/ أيلول الجاري، مدينة المحرّق المعروفة بتاريخها العريق في النضال والتماسك الوطنيّ، والتقى عددًا من شخصيّاتها، وألقى كلمة مطوّلة ادّعى فيها أنّ اللقاء جاء بناء على توجيه من «الطاغية حمد» والحرص على «حفظ أمن المواطن»، بحسب قوله.
رغم أنّ الوزير – الذي يعدّه المواطنون مهندسَ القمع والتعذيب في البحرين – لم يكشف الأسباب المباشرة لعقد لقاء المحرق، فإنّ حديثه الزائد عن «تعزيز الانتماء الوطنيّ» و«السّلم الأهلي»، إلى جانب الاستطراد في «التحدّيات السّياسيّة والأمنيّة» المزعومة التي «تعاملت معها [السلطة] بكفاءة»، وكذلك تعريجه إلى محطة الاستقلال في العام 1973، وبعدها مرحلة الميثاق في العام 2001، ليخلص من ذلك زاعمًا أنّ أحداث 2011 كانت «تهديدًا من الخارج إلى الداخل»، وهي الخلاصة التي تُنبّئ عن استمرار مخاوف السّلطة من انفجار الوضع الشّعبيّ، واتساع رقعة الاحتجاج لتشمل مختلف مناطق البلاد، خصوصًا بعد المواقف الوطنيّة الشّجاعة التي صدرت من أهالي المحرّق وقواها الحيّة في مواجهة التطبيع والتصدّي للمشروع الصّهيونيّ- الأمريكيّ على أرض البحرين.
يتحدّث المتابعون في البحرين عن مشاكل متقاطعة يعاني منها نظام آل خليفة في الوقت الرّاهن، وأنّها تقف وراء عودة وزير الداخليّة إلى أداء دروره المعتاد في إثارة الفتن، من خلال التفريق المناطقيّ والمذهبيّ، وترويج المزاعم المفبركة بوجود أجندة خارجيّة تقف وراء الحراك الشعبيّ – خاصّة الذي انطلق بعد 2011 – رغم كلّ الوقائع التي أثبتت العكس.
وفي حين يشير مراقبون إلى بعض المستجدّات الإقليميّة، ولا سيّما بعد العدوان الصّهيونيّ على الدوحة، وامتناع إيران عن الإسراع في استئناف علاقاتها الدبلوماسيّة مع آل خليفة؛ فإنّ بعضهم يربط اللقاء باعتقال النظام للمواطنة «لولوة البنعلي» بعد فضْحها جوانب من الفساد والابتزاز الجنسيّ في إحدى الوزارات، والتي سبق أن كشفت جوانب عن ترويج الحبوب المخدّرة في مدارس حكوميّة، وهي القضيّة المرتبطة بنجل الطاغية «خالد حمد الخليفة»، وتخشى السّلطة أن يؤدّي اعتقال البنعلي إلى تململ في أوساط المحرّق حيث تقطن عائلتها العريقة.