يكشف المشهد العربيّ مفارقة مأساويّة؛ ففي حين يقف الشارع الأوروبي ضدّ الحرب ويسعى إلى وقف تزويد الكيان الصهيوني بالسلاح والدعم اللوجستي، تقدّم بعض الأنظمة العربيّة المطبّعة الدعم الماليّ والعسكريّ المباشر للكيان، بما يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، بل تشارك في إعادة تصدير الأسلحة التي رفضت دول أوروبيّة بيعها للاحتلال.
ويرى مراقبون أنّ قرار إيطاليا منع مرور السفن الصهيونيّة من ميناء “جنوا” ليس مجرّد إجراء نقابي محدود، بل هو مؤشر على تحوّل أوسع في الرأي العام الأوروبي تجاه جرائم الاحتلال في غزّة، في المقابل، الدعم العربي الرسمي للاحتلال بالمال والسلاح يعكس أزمة شرعيّة كبرى للأنظمة المطبّعة، التي وجدت نفسها في خندق واحد مع الاحتلال ضد إرادة شعوبها.
المفارقة أنّ أوروبا التي ارتكبت جرائم تاريخيّة بحقّ العرب والمسلمين، تقف اليوم – على الأقل شعبيًّا – مع غزّة، فيما بعض الأنظمة العربيّة تسهم في استمرار الإبادة، هذه المفارقة قد تكون نقطة تحوّل في الوعي الجمعيّ العربيّ.