تجدّد ذكرى الشهداء الألم والفخر في قلوبنا على السواء، «صادق جعفر سبت» اسمٌ يطنّ في أرجاء السهلة الجنوبيّة كسمفونيّة لا تنقطع، تحمل في طيّاتها قصص البطولة والتضحية التي عاشها هذا الشاب الباسل، حتى توّج حياته بإكليل الشهادة.
ولد صادق وترعرع في السهلة الجنوبيّة التي شهدت نموّه زهرةً شابةً امتصّت من تراب وطنها حبّ الحريّة والعدالة. لم يكن صادق شابًا عاديًّا؛ فمنذ صغره، أبدى تمسّكًا غير مسبوق بمبادئ العدل والمساواة، هذه المبادئ التي كانت بوصلة وجوده وحياته.
في الأول من سبتمبر/ أيلول 2013، وفي عمر الزهور الذي لم يتجاوز الـ22 عامًا، استشهد صادق؛ قصّة استشهاده لم تكن مجرّد حادث، بل كانت إحدى صفحات تاريخ أمّتنا الذي يكتب بدماء الأبرياء، فقد كان الثلاثين من يوليو من العام ذاته يومًا لن ينسى في ذاكرة التاريخ؛ حيث شارك صادق في مظاهرة سلميّة، مظهرًا إيمانه الراسخ بقضيّة عدالة وتحرّر، لكنّ قوى الظلم كانت تربص الدرب، وفي لحظة صادقة مع النفس والوطن، دهسته سيارة تابعة لمليشيات مدنيّة، لم يكن الحادث صدفة، بل ثمّة نيّة كانت مبيّتة لإسكات صوت الحقّ.
الأيام التي أعقبت الحادث كانت مليئة بالألم والصبر، إذ كان صادق يناضل من أجل حياته في المستشفى، ولكن جروحه البالغة لم تمهله طويلًا فارتقى شهيدًا، لكن روحه لم تمت، ففي كلّ مرّة نذكر فيها اسمه، نشعر بأنّ جزءًا منه لا يزال حيًّا يستلهم منه الحياة والحريّة.
صادق كان يؤمن بأنّ مبادئ ثورة 14 فبراير هي الطريق نحو بناء وطن يسع الجميع، وطن لا يميّز بين ابن وابن على أساس المعتقد أو الرأي، لم يخشَ الموت في سبيل هذه المبادئ، بل واجهه بقلب شجاع وعزيمة لا تلين، إنّ استشهاد صادق لم يكن نهاية المطاف، بل كان إعلانًا لبدء حقبة جديدة من الكفاح المستمرّ ضدّ الظلم والطغيان.
في ذكرى الشهيد «صادق سبت»، نجدّد العهد على أن نظلّ نذكره، ليس فقط كشهيد، بل كرمز للحريّة والعدالة والإنسانيّة، فحكايته لا تمثّل نهاية قصّة، بل هي شعلة تنير دروب الأجيال القادمة، مُذكِّرة إيّاهم بأنّه مهما كانت التضحيات عظيمة، فإنّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه.
في ذكراه، نجدّد العهد على أن نحمل راية الحقّ، متسلّحين بقوّة الإرادة والإيمان بمبادئه، راسمين في الأفق صورة وطن يعمّه العدل والسلام، لا ندرس فيه آلام الأمس ولا دموع الحاضر، فقط ذكرى شهيد زرع فينا أملًا بغدٍ أفضل.