يكمن في شهر استقلال البحرين «أغسطس/ آب» تاريخ آخر مليء بالألم وخيبة الأمل، حيث شهدت البحرين انقلابًا أطاح بأوّل تجربة برلمانيّة حديثة ببلد عربيّ في التاريخ المعاصر.
في السادس والعشرين من أغسطس/ آب عام 1975، وقعت الطامة الكبرى على رؤوس أهل البحرين؛ انقلاب النظام الخليفيّ على مهد الديمقراطيّة الوليدة، ليطلق بذلك عهدًا من الاستبداد وتضييق الحريّات تحت مسمّى «قانون أمن الدولة».
تلك اللحظة التاريخيّة الفاصلة كانت المفتاح الذي دخلت به البلاد في نفق سياسيّ معتم، بحيث لو استطاعت التجربة البرلمانيّة أن تستمرّ وتنضج لكانت البحرين اليوم قد شهدت حقبة مختلفة كليًّا من الحكم، حكم يقوم على المساواة والعدالة وليس على مبدأ القوّة والقمع.
البحرين التي عايشت لحظات من الأمل والتحوّل السياسيّ، قبل أن تُجهض طموحاتها، شهدت موجة تحوّل سريع نحو الأفضل. تحوّل كان من شأنه أن ينقل الحكم من يد الشيوخ والعصبيّات القبليّة إلى أروقة المؤسّسات القائمة على أساس مفهوم الدولة ومبادئ المواطنة.
ولكن، حكم النظام الخليفيّ وجد في البرلمان تهديدًا لهيمنته؛ فبدلًا من التعاون، ركز على إعادة سطوته بأيّ وسيلة؛ عندما رفض البرلمان مشروع قانون أمن الدولة الذي يطبّق القهر والتضييق السياسي، أُجبر على الانحلال ولم يُسمح له بالانعقاد مجدّدًا.
تلك الأحداث المعتمة ليست مجرّد ذكرى، بل هي درس وصرخة واعية لأهميّة النضال الشعبيّ من أجل تقرير المصير والعدالة والحريّة. يجب ألّا ننسى كيف كان الاستبداد يخطّط لانقلاباته، وكيف استبدل القانون بقوانين قمعيّة تخدم النظام فقط وتقمع الشعب.
في هذا العام، بينما نهمّ لإحياء ذكرى تلك الأوقات الصعبة، نستخلص منها القوّة لاستمرار ثورة 14 فبراير. نضال يتعدّى مواجهة النظام العشائري المستبدّ إلى بناء دعائم دولة تقوم على القوانين والمؤسّسات، وتحترم التنوّع وتشجّع على التطوّر المستمر.
نعم، في 14 أغسطس/ آب نالت البحرين استقلالها، لكن في 26 منه نعيش الذكرى الأليمة للانقلاب على هذا الاستقلال؛ دعونا نحيي هذه الذكرى لا كماضٍ بعيد، بل كحافز لمواصلة طريق الثورة حتى نيل حقّ تقرير المصير.