نجح «معرض شهداء البحرين» في كربلاء المقدّسة هذا العام في أن يكون محطّة جديدة من محطّات الوعي والمواجهة، حيث تحوّل في نسخته الثامنة مع مؤتمره الخطابيّ إلى صدمة للنظام الخليفيّ وأدواته الإعلاميّة، حتى باتوا يصرخون في العلن ويجنّدون أقلامهم المأجورة والمرتزقة للتشويه والتضليل.
لقد قضّ المعرض مضاجعهم، لأنّ الحقيقة حين تُرفع على طريق الحسين «ع» لا يمكن حجبها ولا تزييفها.
الهجوم الذي شنّته بعض الشخصيّات الرسميّة والإعلاميّة على العراق لاستضافته هذا المعرض على أرض كربلاء إنّما يكشف حالة القلق والارتباك من مجرّد ممارسة حريّة الرأي والتعبير.
لقد تصدّر وزير الإعلام الكويتيّ الأسبق «سعد بن طفلة العجمي» ووزير خارجيّة البحرين السابق «خالد أحمد الخليفة» واجهة الردود الغاضبة على منصات التواصل الاجتماعيّ، ولم يكن ذلك سوى انعكاس لحالة التوتّر من كلمة حقّ تُرفع على أرض الحسين «ع»، فهل باتت حريّة التعبير تهديدًا للأنظمة المهترئة التي تخشى أصوات الشعوب؟
إنّ «معرض شهداء البحرين» بنسخته الثامنة في كربلاء لم يكن مجرّد فعاليّة خطابيّة أو ثقافيّة، بل كان رسالة سياسيّة وإعلاميّة ووطنيّة عميقة متجدّدة تقول: «الراية لن تسقط»، فالدماء الطاهرة التي سالت في البحرين لن تنطفئ ذكراها، وأصوات المعتقلين ستبقى صرخة مدوّية في وجه الظلم، مهما حاولوا قمعها وإسكاتها.
الحضور الواسع لشخصيّات نافذة وآلاف الزوّار من العراق واليمن ولبنان وإيران، وتعبيرهم الواضح عن التضامن مع شعب البحرين وقضيّة سجناء الرأي، هو قبل كلّ شيء موقف أخلاقيّ وإنسانيّ، إنّه إعلان صريح بأنّ قضيّة البحرين لا يمكن أن ينفرد بها نظام آل خليفة وما يسمّى قوّات درع الجزيرة، بل هي جزء من قضيّة الأمّة الكبرى في مواجهة الاستبداد والاحتلال والهيمنة.
وكما قالها سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم للنظام الحاكم في البحرين: «ستعجزون ولن نعجز». نعم، سيعجز الطغاة عن إسكات صوت الشعب، وسيعجزون عن وقف الحراك ودفن الحقيقة، لكنّ الأحرار لن يعجزوا عن حمل الراية جيلًا بعد جيل.
ومن كربلاء إلى المنامة، يُكتب اليوم عهد جديد بأنّ الراية لن تسقط، وأنّ عراق الحسين «ع» سيبقى سندًا للشعب البحرانيّ الأبيّ حتى ينال حقوقه السياسيّة والاقتصاديّة المشروعة، مهما طال الزمن أو عظمت التضحيات.