التاريخ الطويل للظلمسجّل آل خليفة دخولهم للبحرين بقوّة السلاح، مسيطرين على البلاد بصورة دمويّة أرست أسس الظلم والاستبداد لعقود طويلة. لم يكن هذا الاحتلال مجرّد تغيير في السلطة، بل كان بداية لسلسلة وحشيّة من الجرائم التي شملت: تشريد السكّان الأصليّين من قراهم ومدنهم، السلب المنظّم للثروات الطبيعيّة، وقمع الأصوات التي طالبت بالعدالة.لقد عانت البحرين من سياسات ممنهجة تهدف إلى السيطرة الكاملة على الأرض والموارد، حيث استُغلّت القوى العسكريّة والحكم القبليّ لإخماد أيّ محاولة للتمرّد أو مطالبة بالحقوق. لا يزال الشعب البحرينيّ الأصيل يتذكّر تلك المذابح التي وقعت في قرى ومناطق عدّة، ولا تزال الذاكرة الشعبيّة توثّق محطّات الخيانة التي مارستها «السلطة» باسم الوحدة الوطنيّة، بينما تعمل بوقاحة على تدمير كلّ ما يمتّ بصلة إلى هويّة البحرين الأصيلة.– التجنيس السياسيّ أداة للتغيير الديموغرافيّفي ظلّ الحديث عن مظاهر الاستبداد، تأتي قضيّة التجنيس السياسيّ كواحدة من أخطر الجرائم الحديثة التي يمارسها النظام ضدّ الشعب البحرينيّ. فمنذ تولّي «حمد الخليفة» الحكم، وُضعت خطة ممنهجة تهدف إلى إعادة رسم التركيبة السكّانيّة في البلاد؛ هذه السياسة لم تكن عشوائيّة، بل كانت مدروسة للقضاء على الهويّة الديموغرافيّة الأصيلة للبحرين، ما أدّى إلى تهميش البحرينيّين الأصلاء لصالح الأجانب الذين يُجنّسون عشوائيًّا وبوتيرة سريعة.التجنيس في البحرين لا يعني إضافة أسماء جديدة إلى قوائم السكّان، بل هو أداة سياسيّة تهدف إلى تعزيز قوّة النظام الاستبداديّ عبر خلق قاعدة اجتماعيّة جديدة تدين له بالولاء والطاعة العمياء. هذه السياسة لم تؤدّ فقط إلى تراجع نسبة السكّان الأصليّين، بل أسهمت أيضًا في تفاقم أزمة الهويّة الوطنيّة، حيث شعر البحرينيّون بأنّ وطنهم يُسرق من أيديهم لصالح الطغاة.الأزمات الناتجة عن سياسة التجنيستترتّب على سياسة التجنيس السياسيّ آثار مدمّرة على جميع المستويات. فقد أدّت إلى خلق أزمات اقتصاديّة عميقة، حيث ارتفعت معدّلات البطالة بين البحرينيّين الأصليّين نتيجةً لتفضيل الأجانب في الوظائف وفرص العمل، كما برزت إلى السطح مشاكل اجتماعيّة خطرة مع تفاقم صراع الثقافات وتأزّم العلاقة بين المواطنين والأجانب الذين جلبهم النظام.وفي الجانب الأمنيّ، زرعت هذه السياسة حالة من عدم الاستقرار، إذ بات البحرينيّون يشعرون كأنّهم غرباء في وطنهم، إضافة إلى ذلك، أجبر النظام الشعب على تحمّل أعباء ماليّة مثل الضرائب المفروضة بطريقة غير عادلة، في حين توجّه الثروات الوطنيّة لدعم الأجانب الذين جُنّسوا لخدمة النظام.– انتهاك حقوق البحرينيينلم تتوقّف الجرائم عند حدّ تغيير التركيبة السكّانيّة، بل اتخذ النظام خطوات أكثر وحشيّة عبر إسقاط جنسيّة البحرينيّين الأصلاء. هذه الممارسات لم تكن سوى تذكير بأنّ النظام يهيمن على البلاد عبر الحرمان التام من الحقوق الأساسيّة، بما في ذلك الحقّ في الهويّة. إسقاط الجنسيّة واستهداف الأصوات المعارضة والمؤسّسات الحقوقيّة يشكّلان دليلًا صارخًا على أنّ النظام تجاوز كلّ الحدود في قمع أيّ محاولة للمقاومة.البحرينيّون الذين انتُزعت جنسيّتهم يشعرون بأنّهم بلا هويّة، بلا حقوق، ولا مستقبل، في وطنهم الذي عاشوا فيه لسنوات طويلة. كلّ مزاعم الإصلاح قُتلت في مهدها، وكلّ دعوات إلى الحوار قوبلت بالقمع والتصعيد؛ هذا الوضع المأساويّ يُظهر الوجه الحقيقيّ للنظام الاستبداديّ الذي يعتاش على الظلم والقهر.– دعوة إلى التحررإنّ بقاء الشعب البحرينيّ تحت وطأة الظلم والاستبداد يمثّل وصمة عار في جبين الإنسانيّة. من حقّه أن يرفع صوته عاليًا ويواصل الحراك الثوريّ حتى إزالة النظام الذي سلب الحقوق ورسّخ الظلم في البلاد؛ ثمّة حاجة ملحّة إلى نيل حقّ تقرير المصير، وإعادة بناء دولة تقوم على العدالة الاجتماعيّة واحترام الحقوق والحريّات.إنّ الثورة ليست خيارًا، بل ضرورة تاريخيّة وأخلاقيّة لتحقيق كرامة شعب عانى طويلًا من القهر، من الضروريّ أن يكون الحراك شعبيًّا، موحّدًا، ومرتبطًا بهدف واضح: إسقاط النظام وإعادة بناء وطن يليق بالبحرينيّين الأصلاء، وطن قائم على العدل والمساواة، بعيدًا من الظلم والطغيان.لا يمكن السكوت عمّا يعانيه الشعب البحرينيّ من ظلم واستبداد. لقد أثبتت العقود الماضية أنّ النظام يسعى بكلّ الطرق إلى القضاء على هويّة البحرين واستبدالها بهويّة مصطنعة تخدم مصالحه، لكنّ الشعب البحريني أثبت على مرّ التاريخ أنّه شعب لا ينكسر، شعب يرفض الاستبداد ويقاتل من أجل كرامته ومستقبل أجياله. الثورة هي الحلّ، والحريّة هي الهدف. على البحرينيّين أن يُكملوا الطريق بلا تراجع، حتى تحقيق العدالة وإعادة بناء وطنٍ حرّ ومستقل.
التجنيس السياسيّ في البحرين: سلاح الكيان الخليفيّ لتغيير هويّة الشعب واستلاب إرادته

Screenshot ٢٠٢٥٠٨١٠ ١٠٤١١٣ Google