سطّر شعبُ البحرين في لحظةٍ حاسمة من تاريخ النضال العربيّ ضدّ الاحتلال الصهيونيّ لوحةً مُشرّفة مُفعمة بالكرامة والأصالة، وثبّت ردًّا قاطعًا على المخطّطات الرّامية إلى تطبيع العلاقات مع العدوّ الصهيونيّ. خلال أسابيع النصرة والدّفاع عن غزّة المقاوِمة، برهن البحرينيّون أنّ خيار الحريّة والمقاومة هو الخيار الوحيد الذي يليق بالشعوب الحرّة والواعية؛ لقد نجحوا في تثبيت معادلةٍ وطنيّةٍ تُعبّر عن الرّفض الجامع والقاطع لكلّ السّياسات الرسميّة الداعمة للتطبيع.
تجذُّر الموقف الشعبيّ الرافض للتطبيع
التحرّكات الشعبيّة التي شهدتها البحرين خلال هذه الأسابيع لم تكن سوى امتدادٍ لتاريخ طويل من المواقف الوطنيّة التي تُدين خيانة القضيّة الفلسطينيّة. في ظلّ تصاعد العدوان على غزّة، كان المواطن البحرينيّ على موعدٍ مع لحظة ثوريّة، حيث امتلأت الشوارع بشعارات نابعة من العُمق الوطني تُعلن «لا تنازل، لا صمت، لا تطبيع».
كانَ هذا الحراك الشعبيّ رسالة واضحة موجّهة إلى الأنظمة التي اختارت السّير في درب الخيانة والصمت، بأنّ الشعوب لا تُباع ولا تُشترى، وأنّ فلسطين ستظلّ القضيّة المركزيّة مهما حاول المتآمرون تزييف الوعي أو تغيير الأولويّات.
الوحدة الوطنيّة درع لمواجهة التطبيع
ما يميّز موقف شعب البحرين هو الروح الجماعيّة التي تجلّت في تلك الأيام النضاليّة. شباب وشيب، نساء ورجال، مكوّنات المجتمع البحرينيّ كلّها اجتمعت على نصرة غزّة، وأثبت البحرينيّون للعالم أنّ قضيّة فلسطين ليست قضيّة فئة أو طائفة، بل هي قضيّة شعب وأمّة بأكملها. هذه الوحدة الوطنيّة التي شهدتها الساحات كانت بحدّ ذاتها صفعةً مدوّيةً لكلّ محاولات شقّ الصفوف وإضعاف المواقف الرافضة للتطبيع.
التطبيع الرسميّ في مواجهة الرّفض الشعبيّ
النظام الخليفيّ الذي تورّط في موجة التطبيع مع الاحتلال الصهيونيّ ظنّ أنّ خطواته ستلقى قبولًا من الشعب. لكنّ هذا الشعب الحرّ أبى إلّا أن يتصدّى لهذه السياسات بكلّ الوسائل الممكنة؛ فالتطبيع مع العدوّ ليس مجرّد اتفاق سياسيّ، بل هو خيانة صريحة للمبادئ الوطنيّة وتفريط بثوابت الأمّة. لقد نجح شعب البحرين في تحويل أسابيع النصرة لغزّة إلى لحظةٍ فاصلة تُترجم فيها حالة الغضب الشعبيّ إلى فعلٍ مقاوم يعيد رسم المعادلة الوطنيّة من جديد.
غزّة حاضرة في صلب الوعي البحرينيّ
ما يلفت الانتباه في حراك الشعب البحرينيّ نصرةً لغزّة هو عمق ارتباط الوجدان البحرينيّ بالمقاومة الفلسطينيّة. فهو لم يُعبّر عن هذا الارتباط فقط عبر التظاهر ورفع الشعارات، بل أيضًا عبر الخطاب الثوريّ الذي يُدين الاحتلال ويكشف الوجه الحقيقيّ للكيان الصهيونيّ كمشروعٍ استعماريّ لا مكان له في المنطقة. لقد فتحت هذه الأسابيع باب الوعي على مصراعيه، ليؤكّد البحرينيّون أنّ غزّة ليست فقط خطّ الدفاع الأوّل عن فلسطين، بل المحطّة التي يُعاد فيها توحيد الأمّة في مواجهة الاستعمار والقوى الرجعيّة.
الرّسالة الثوريّة: الشعب أقوى من الأنظمة
إنّ المعادلة التي نجح شعب البحرين في تثبيتها خلال هذه الأسابيع تُختزل في جملة ثوريّة واضحة: «الشعوب دائمًا أقوى من الأنظمة». فمهما اشتدّت قبضة القمع ومهما زادت محاولات شراء الولاءات، يبقى صوت الشعب صادحًا بالحقّ، رافضًا التخاذل، ومقاومًا لكلّ أشكال استلاب الإرادة الوطنيّة. هذه هي المعادلة التي فرضها البحرينيّون، لتكون النبراس الذي يهتدي به كلّ شعوب المنطقة في مواجهة موجات التطبيع التي تُهدّد مستقبلها وهويّتها.
فلسطين ليست قضيّة عابرة
حاولت الأنظمة الرسميّة في بحر الصراعات السياسيّة والمصالح تصوير قضيّة فلسطين كملفٍ عابر يمكن تجاوزه أو تجاهله. لكنّ شعب البحرين، كغيره من الشعوب الحرّة، أثبت أنّ فلسطين غرسٌ عميق في وجدان الأمّة، ومقاومة الاحتلال ليست خيارًا، بل واجبٌ لا يقبل النقاش. من منطلق الواجب القوميّ والدينيّ والإنسانيّ، أدان البحرينيّون بأشدّ العبارات كلّ مبرّرات التطبيع، وأعلنوا بوضوح أنّ كلّ خطوة في هذا الاتجاه هي خيانة للشهداء، وللدماء الطاهرة التي سالت دفاعًا عن الأرض والمقدّسات.
طريق النصر يبدأ من رفض التطبيع
لقد نجح شعب البحرين خلال أسابيع النصرة والدّفاع عن غزّة في رفع راية المقاومة فوق كلّ الحسابات، وفي بناء نموذج يُستوحى منه لدعم القضيّة الفلسطينيّة ورفض الانصياع لضغط القوى الدوليّة. هذه الروح الثوريّة التي تجلّت في البحرين خلال تلك الأسابيع هي الأمل الذي يُراهن عليه الأحرار في كلّ مكان، لتأكيد أنّ النصر يبدأ من رفض التطبيع، والوقوف صفًّا واحدًا في مواجهة الاحتلال الصهيونيّ ومَن يعاونه.
«فلسطين أمانة، وغزّة مُلهمة، والحريّة خيار الشعوب».. هكذا كتب البحرينيّون خلال هذه الأسابيع، وهكذا سيكتب التاريخ.