استفاقت أرض الوطن، في صباح يوم لا يُنسى، على ذكرى لا تمحى من الذاكرة، ذكرى استشهاد اثنين من أبنائها البررة: «الشهيدين محمود عباس العرادي وعلي عيسى البصري».
حادثة استشهادهما قلبت أوجاع المجتمع وألهبت مشاعر الأمّة، وكانت تجسيدًا حيًّا للتضحيات العظيمة التي يقدّمها أبناء الوطن في سبيل الحقّ والعدالة.
الشهيد «محمود عباس العرادي»
كان محمود شابًا في مقتبل العمر، توهّج في قلبه حلم التغيير والحريّة منذ صباه. بات ملاحقًا ومطاردًا منذ صغره، إذ لم يكن قد بلغ الخامسة عشرة، وتقلّبت حياته بين الخوف والأمل، ولكن لم تستطع أضواء السيارات الأمنيّة أن تطفئ في عينيه ضوء الحل. سترة – واديان، ذلك المكان الذي كان يأوي أحلامه وتطلّعاته، شهد على يقظته وآماله المتوثّبة نحو الحرية والعدالة؛ في ذلك الصباح المشؤوم، لاحقته الدوريّات الأمنيّة والمدنيّة المتربّصة في الشارع المؤدي إلى دوّار النويدرات، لتنتهي رحلته المحفوفة بالأمل في نزال مأساوي، وهو يحاول التحليق بأحلامه بعيدًا عن قيود الظلم.
الشهيد «علي عيسى البصري»
علي، الشاب الذي امتلك قلبًا جريئًا وروحًا لا تقهر؛ في الخامسة والعشرين من عمره، كان يضجّ بالأمل والطموح نحو مستقبل يكلله العدل والمساواة، عبر شوارع سترة – القرية، حمل علي راية السعي نحو تحقيق المطالب المشروعة لشعبه، متحدّيًا كافة أشكال الظلم والاضطهاد. لم يكن علي يعلم أنّ رحلته مع صديقه محمود في تلك السيارة المنكوبة كانت نحو الخلود، حيث انقلبت مسارات الحياة والموت، فكان الاستشهاد تحت وطأة مطاردة محمومة وغامضة.
الطريق الأخير
لقد كانت لحظات الختام درامية وفاجعة، ففي ذلك اليوم القدري، واجه الشهيدان «محمود وعلي» ملاحقة شرسة على الطريق المؤدّي إلى دوار النويدرات، لتنتهي المطاردة بحادث مروري مروّع؛ التدهور الغامض لسيّارتهما واصطدامها بشاحنة متوقّفة جسّدا مأساة إنسانيّة بكلّ تفاصيلها، مخلّفة وراءها رواية حزن لا تنتهي.
الخسارة المأساويّة للشهيدين في هذا الحادث ليست مجرّد فاجعة تخصّ عائلتيهما فحسب، بل هي خسارة للوطن بأكمله، ولكل من يؤمن بالحرية والعدالة.
لقد رحل الشهيدان «محمود وعلي»، لكن قصّتهما ستظلّ خالدة كرمز للصمود والتضحية في وجه الظلم. يذكّرنا استشهادهما بأنّ السعي نحو الحقيقة والحريّة يتطلّب التضحية العظمى، ولكن ذكراهما ستبقى منارة تهدي الأجيال القادمة نحو طريق العدل والسلام.
https://14f2011.com/ar/news/433713/%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d9%8a%d9%81%d9%8a%d9%91-%d9%8a%d9%88%d8%a7%d8%b5%d9%84-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d8%b3%d8%aa/