قالت منظّمة أمريكيّون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في البحرين إنّ قوّات النظام الخليفيّ تمارس هذا العام، في تصعيد مثير للقلق، أقسى أنواع التضييق على الشعائر العاشورائيّة، وذلك من خلال حملة واسعة من الاستدعاءات والاعتقالات وتلفيق التهم وإزالة المظاهر الدينيّة في مختلف المناطق، بينما تقدّم في المقلب الآخر الرواية «الرسميّة» للحكومة صورة مثاليّة لتعاطيها مع موسم عاشوراء، زاعمة أنّه «مرّ بنجاح» تحت رعايتها.
وأكّدت المنظّمة في تقرير نشرته على موقعها الإلكترونيّ أنّ هذا التناقض بين الخطاب الإعلاميّ والواقع الميدانيّ يعكس ازدواجيّة معايير واضحة، حيث يحاول النظام تقديم نفسه كضامن لحريّة العبادة، في حين يمارس الاضطهاد الدينيّ ضدّ الشيعة الذين يحيون خلال مدّة محدّدة، شعائرهم العاشورائيّة المتجذّرة عبر التاريخ.
ولفتت إلى أنّ هذا العام شهد موسم عاشوراء ما شهده العام الماضي من تصعيد ملحوظ في التضييقات الأمنيّة، ولكن مع وتيرة حادة ومتصاعدة بشكل أكبر، حيث طالت حملة الاستدعاءات والاعتقالات نحو 60 مواطنًا، مع ما وثّقته الكاميرات من استخدام عنف غير مبرر على الإطلاق من قوّات النظام ضدّ مواطن بحرينيّ كان يشارك سلميًّا في تجمّع بالدراز، واستمرار نمط الازدواجيّة في خطاب الحكومة بين الادعاءات الرسميّة والانتهاكات الفعليّة، من فرض قيود على الشعائر، إلى جانب تصاعد موجات الاعتقال والاستدعاءات للخطباء والرواديد والمعزّين واحتجازهم والعسكرة والحصار الأمنيّ.
وتطرّق التقرير إلى التعدّي على المواطنين والتحقيق في حادثة الدراز التي واجه فيها الأهالي مرتزقة النظام الذين اقتحموا البلدة لإزالة مجسّمات ويافطات عاشورائيّة كانوا قد أقاموها استعدادًا لشهر محرّم الحرام، حيث استخدمت القوّات القمع المفرط في مواجهة المدنيّين الذين تجمّعوا سلميًّا للاعتراض على التعدّي على مظاهر معتقداتهم، فما كان من هذه القوّات إلّا أن أطلقت أعيرة نارية ومطاطية، واعتقلت عددًا من المواطنين واعتدت عليهم بالضرب.
وأشارت إلى إصابة الشاب «حسن العنفوز» نتيجة هذا العنف ونقله إلى المستشفى لإجراء عمليّة جراحيّة لوقف النزيف، مستنكرة بيان وزارة الداخليّة الذي برّر ما جرى ومن بعده بيان وحدة التحقيق الخاصّة الذي نفت فيه مسؤوليّة قوّات النظام عن إصابة الشاب، مدّعية أنّ الإصابة نجمت عن حجر ألقاه أحد المتجمهرين.
واستعرض تقرير منظّمة أمريكيّون مجمل التعدّيات على المظاهر العاشورائيّة من إزالة المضائف والمجسّمات الحسينيّة بالجرافات، وتمزيق رايات ومصادرة يافطات عاشورائيّة من الشوارع وحتى من مسجد الخواجة التاريخيّ في قلب المنامة، وإزالة صور الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم.
ورأت أنّ العسكرة الأمنيّة والتضييق الممنهج عبر تكثيف انتشار المرتزقة في مختلف المناطق، والتي تنوّعت مظاهرها بين المداهمات، ومنع الخطباء، والاعتداء على الرموز، ونشر نقاط تفتيش ومراقبة مشدّدة على المواطنين والمعزّين في محيط المآتم والحسينيّات، بل داخل مواكب العزاء، إذ لاحقت القوّات المشاركين، خصوصًا من كانوا يرتدون عصائب أو قمصانًا تحمل صور رموز دينية، خطوة استفزازية تهدف إلى تضييق الحريّات وليس التنظيم، كما ادّعى النظام.
وعن حملة الاستدعاءات والاعتقالات الموسّعة، قالت المنظّمة أنّ شهر محرم هذا العام شهد حملة واسعة من الاستدعاءات والاعتقالات والاحتجازات التعسفيّة في البحرين طالت 60 مواطنًا، واستهدفت فئة واسعة من المشاركين في إحياء الشعائر العاشورائية، وعلى وجه الخصوص رجال الدين والرواديد وخدّام المآتم، في مشهد يعكس تصعيدًا واضحًا من النظام تجاه المظاهر الدينيّة التي تعبّر عن هويّة مجتمع ومعتقداته، مشيرة إلى أنّ هذه الحملة استمرّت حتى بعد انتهاء العاشر من محرم، مستهدفة شخصيّات دينيّة وثقافية بارزة.
وانتقدت المنظّمة ازدواجيّة الخطاب الرسميّ؛ ففي الوقت الذي كانت فيه قوّات النظام تمارس أقسى أنواع التضييق على الشعائر العاشورائيّة عبر الاستدعاءات والاعتقالات ومهاجمة بعض التجمّعات السلميّة وإزالة المظاهر الدينيّة في مختلف المناطق، كانت الرواية الرسميّة للحكومة تسوّق صورة مثالية لموسم عاشوراء، زاعمة أنّه «مرّ بنجاح تحت رعاية ملكيّة سامية»، في تناقض فجّ بين الخطاب الإعلاميّ والواقع.
وطالبت منظّمة أمريكيون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في البحرين بفتح تحقيق جدّي ومستقلّ في حادثة الاعتداء على الشاب «حسن العنفوز» ومحاسبة كلّ من أمر ونفّذ، والإفراج الفوريّ وغير المشروط عن جميع المعتقلين على خلفيّة مشاركتهم في الفعاليات العاشورائية والتعويض لهم على الانتهاكات التي تعرّضوا لها، ووقف كافة أشكال التمييز الطائفيّ وسياسة التضييق على الحريّات الدينيّة للمواطنين الشيعة، وإلغاء كافة الإجراءات الأمنيّة الاستفزازيّة ومظاهر عسكرة الفضاء الدينيّ، ومحاسبة جميع المتورّطين بالانتهاكات ضدّ الحريات الدينيّة للشيعة خلال موسم عاشوراء.
كما دعت المجتمع الدوليّ، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان والهيئات الأمميّة، إلى اتخاذ خطوات عاجلة للضغط على النظام لاحترام التزاماته الدوليّة، محمّلة وزارة الداخليّة الخليفيّة المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الانتهاكات الممنهجة، حيث طالبتها بوقف جميع أشكال التضييق والاعتداء على المواطنين الشيعة، ومحاسبة المعتدين، والإفراج الفوريّ عن الموقوفين وإسقاط جميع التهم الموجّهة لهم، وطالبت حكومة النظام باحترام المواثيق الدوليّة التي تكفل حريّة الدين والمعتقد، وفي مقدّمتها العهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، داعية إيّاها إلى الكفّ عن السياسات التمييزيّة ضدّ المواطنين الشيعة، وضمان حقّهم في ممارسة شعائرهم الدينيّة بحريّة وأمان، دون تهديد أو قمع.
https://www.adhrb.org/ar/?p=10415