“عاشوراء تحت الحصار الأمني”: رابطة الصحافة البحرينية تكشف حملة قمع طائفي ممنهجة ضد المواطنين الشيعة
في تقرير صادم يعكس واقع التمييز الطائفي والانتهاك الممنهج للحريات الدينية في البحرين، أكدت “رابطة الصحافة البحرينية” أن موسم عاشوراء لهذا العام (2025) شهد تصعيدًا غير مسبوق في السياسات القمعية الموجهة ضد الطائفة الشيعية، معتبرةً أن ما جرى لا يمكن وصفه إلا بأنه حرب على الهوية الدينية والثقافية لشريحة واسعة من المواطنين.
التقرير، المنشور على موقع الرابطة، شدّد على أن التضييق الذي مورس خلال موسم عاشوراء لم يكن استثناءً، بل جزءًا من نمط مستمر من القمع والتهميش، بدأ منذ الانتفاضة الشعبية في 2011، حين اتخذت السلطات البحرينية من الشعائر الدينية، خصوصًا المرتبطة بالطائفة الشيعية، ساحة لتصفية الحسابات السياسية، ومجالًا مفتوحًا للرقابة الأمنية والاعتقالات التعسفية.
ورغم التصريحات الرسمية المتكررة عن “احترام حرية المعتقد”، إلا أن الرابطة أكدت أن الواقع يكشف ازدواجية فاضحة بين الخطاب والممارسة، إذ تحولت عاشوراء إلى “موسم أمني”، تنتشر فيه قوات الأمن في المناطق الشيعية، وتُنفذ فيه اعتقالات واستدعاءات بالجملة ضد الخطباء والمنشدين ورؤساء المواكب، بتهم تتراوح بين “التحريض” و”استخدام رموز دينية أو سياسية غير مرخّصة”.
من أبرز ما وثقته الرابطة في تقريرها الحقوقي:
استدعاء أكثر من 60 شخصًا، بينهم 8 علماء دين و9 منشدين دينيين “رواديد”.
مضايقات أمنية لرؤساء المآتم والمواكب، والتحقيق معهم حول مضامين الخُطب والشعارات، بما فيها شعارات مؤيدة للقضية الفلسطينية.
إزالة مظاهر عاشورائية من الشوارع باستخدام الجرافات، في مشاهد تكررت في عدد من القرى الشيعية، وسط اعتراضات شعبية.
منع خطباء من دخول مناطقهم، ومحاصرة تجمعات دينية، واعتقال مواطنين بسبب ارتداء قمصان دينية أو حمل رموز “غير مرغوب فيها” من قبل السلطات.
ووصفت الرابطة هذه الإجراءات بأنها تكشف بنية أمنية طائفية لا تزال عاجزة عن تقبل التعدد الديني داخل وطن واحد، مؤكدة أن استمرار استهداف الطائفة الشيعية في شعائرها يمثل خرقًا للدستور البحريني وانتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
كما طالبت بـ:
الوقف الفوري لجميع أشكال الاستدعاء والتحقيق والاعتقال على خلفية ممارسة الشعائر.
محاسبة المسؤولين عن التجاوزات والانتهاكات، خصوصًا تلك التي ترافقت مع استخدام القوة المفرطة.
السماح للمنظمات الحقوقية المستقلة برصد موسم عاشوراء ميدانيًا، كجزء من الشفافية والمساءلة.
“تسامح البحرين لا يتسع لمواطنيها الشيعة”، تقول الرابطة بمرارة، مشيرة إلى أن الدولة التي تتحدث في الخارج عن “التعددية والانفتاح” لا تزال تُمارس في الداخل سياسة “الإقصاء والتخويف”، وتستخدم الأمن كوسيلة لتكميم الطقوس قبل الأفواه، وكأن الانتماء المذهبي جريمة يجب أن تُعاقب.
هذا التقرير يضع السلطات البحرينية مجددًا أمام اختبارٍ حقيقي: هل هي مستعدة لاحترام مواطنيها جميعًا على قدم المساواة؟ أم أنها ماضية في صناعة “مواطنة مُجزّأة” تُمنح على أساس الولاء وتُسحب بناء على الطائفة؟