بسم الله الرحمن الرحيم
في ظلّ التصعيد الخطير الذي شهدته البحرين خلال إحياء موسم عاشوراء هذا العام؛ يحمّل المجلس السّياسي في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الكيان الخليفي المجرم؛
مسؤولية ما سيترتّب من آثار ونتائج على الاستهداف العدواني لعقائد المواطنين وشعائرهم الدّينيّة، ونؤكّد بأنّ التعدّي البغيض والسّافر على العقائد والشّعائر لن يتمّ التّعاطي معه بعد الآن على أنّه فقط انعكاس للصّراع الوجودي بين الخليفيين المحتلّين والمواطنين الأصليين، ولكنّه مؤشّر أيضا على أنّ هذا الصّراع بلغ مداه الأقصى، شكلا ومضمونا، وأسقط جدوى أيّ خيار سياسيّ في التفاوض التقليديّ مع هذا الكيان المجرم، ورسّخ قناعة الشّعب باستحالة التّعايش معه بأيّ شكل من الأشكال، وهي خلاصة تحفّز المعنيين بمصير الشّعب وهويّته على أنْ يعدّوا العدّة الجادة للخلاص من هذا الاحتلال البغيض، وبكلّ الطرق المشروعة.
وأمام هذا الملف نسجّل في الموقف الأسبوعي العناوين التّالية:
1- اختار الكيانُ الخليفي هذه المرّة أن يخوض معركته ضدّ الشّعائر الحسينيّة وفق حسابات المشروع الأمريكي الصّهيوني، خاصّة بعد حروب الإبادة في فلسطين ولبنان، والمخطّط الجاري تنفيذه في سوريا والعراق، والعدوان المتواصل على اليمن، وبعد الحرب الأخيرة على الجمهوريّة الإسلاميّة. في هذا المقطع المفصلي؛ أخذ المخطّط الصّهيوني الأمريكي اندفاعة متهوّرة، مع اعتماد خطة تدميريّة وشاملة، لا تقتصر على تدمير البنيان والعمران، بل تشمل منظومة القيم والمبادئ التي يعتبرها الأعداء مصدر التهديد الوجودي، وقد جرى التنفيذ الفعلي لهذا المخطّط مع العام 2020 مع بدء مشاريع التطبيع، وما تلاها من تغلغل صهيوني علني، مع تقويض الهويّات الأصيلة التي تتناقض مع هذه المشاريع، وفرْض هويّة جديدة لا ترى في الكيان الصّهيوني العدو الحقيقي للأمّة، من بوابة الترويج لشعارات مشوّهة حول التّعايش وحوار الأديان، والتخلص من دوّامة “الحروب”، وتعميم ثقافة الرفاهيّة المطلقة، وإجبار المجتمعات على الاستسلام لشروط الرّأسماليّة المتوحّشة.
2- ترافقَ ذلك مع قيام الأمريكيين وعملائهم في المنطقة بتنفيذ عمليّات مزدوجة استهدفت البنيانَ الثقافي والدّيني للشّعوب، تقوم على تأجيج كلّ نوازع التنافر المذهبي والعرقي، وتلغيم السّاحات بمنابر الفتنة المدفوعة الأجر، مع تشكيك النّاس في رموزهم ومرجعيّاتهم الدّينيّة الأصيلة المجاهدة، وتحويلهم للتعلّق بخطاباتٍ وقوى جديدة جرى إعدادها وتصنيعها خصّيصا لخدمة المشروع الصّهيوني الأمريكي. كان البعض يظنّ أنّ التحذير من هذا المخطّط التدميري؛ مجرّد أوهام أو تضخيم للمؤامرة، ولكن مجريات الأحداث في المنطقة أثبتت أنّ مخطّطات الأمريكيين والصّهاينة هي أخطر ممّا ظهر حتّى الآن، وما يريدونه هو إحداث انقلاب كامل لمفاهيم الأمّة وقيمها، يكون فيها الإسلام الأمريكي الصّهيوني هو النّموذج الذي تحلم به شعوب المنطقة وترى فيه خلاصهاالمأمول، وبعد أن يتمّ إغراقها بكلّ أنواع الفتن والحروب، واجتثاث قيم الإيمان والصّمود والجهاد ومواجهة المحتلين، وتمكين النخب المرتزقة وعملاء الاحتلال من السّيطرة على عقولها وشؤونها والتحكم في مصيرها.
3- إنّنا نرى أنّ ما يحصل في البحرين هو جزء من هذا المخطّط التدميريّ المرتبط بالمشروع الأمريكي الصّهيوني، ولم يكن من المستغرب اختيار آل خليفة ليكونوا الأداة المطيعة لتنفيذ هذا المشروع على أرضنا الطّاهرة، فهم محتلّون ومرتزقة ومعادون لكلّ ما يمت بصلة لشعب البحرين وهوّيته الأصيلة. وقد كان اندفاعهم المتمادي هذا العام في الحرب على شعائر عاشوراء وتشويه شعاراتها وأهدافها؛ التزاما منهم بدورهم المرسوم لترويج “الإسلام” المتصهين، وإغلاق المنابر الرّافضة للتطبيع والهيمنة الأمريكيّة الصّهيونيّة، فكان تصعيدهم في المواجهة المفتوحة ضدّ شعارات المواطنين وهتافاتهم التي تعبّر عن مواقفهم المبدئيّة في نصرة المقاومة وعدم الخضوع والاستسلام للاستكبار العالمي.
4- سجّل شعبُ البحرين موقفه غير المهادن في التصدّي الحاسم لاختطاف عاشوراء الإمام الحسين (عليه السّلام)، معتبرين أنّ الدّعايات المضلّلة والمغموسة بالتهديدات التي يقوم بها وزير الإرهاب راشد الخليفة؛ هي امتداد للمشروع الأموي اليزيدي، المتمثل اليوم في المشروع الصّهيوني الأمريكي، الذي طالما استهدف إحياءات عاشوراء والمواكب الحسينيّة، لأنها تقوّي جبهة الحقّ، وتغذّي الثورة على الجور والاستبداد، وتربط الأحرار بقيم الحرية والتحرّر من الطّغاة والمجرمين. ونحن على ثقة بأنّ شعبنا وعلماءنا الأحرار سيكونون بالمرصاد لأيّ مساس بقيم عاشوراء العليا، لأنّها العمود الذي تقوم عليه هويّة الشّعب وعقيدته، ولا مجال للتساهل والتغاضي عن ذلك.
5- إنّ إصرار شعبنا الأبيّ على الهتاف بشعار “الموت لإسرائيل والموت لأمريكا” إنّما هو تطبيق عمليّ لشعار “الموت ليزيد” والمجرمين الذين ارتكبوا مذبحة كربلاء، وإعلان المفاصلة مع منْ يمثّلهم في الجور والقتل في وقتنا الحاضر، مهما كان دينه أو مذهبه أو لونه، كما أنّ التزام المعزّين في مواكبنا الحسينيّة بشعار “لبيك يا خامنئي” و”لبيك يا نصر الله” و”لبيك يا عيسى قاسم”، هو التفعيل الحيّ لهتاف “لبيك يا حسين”، مثلما أنّ تطبيق شعبنا لنداء الإمام الحسين: “هيهات منّا الذّلة”؛ هو بعدم القبول بأيّ مشروع ظالم أو عدواني ينتقص من قيم الدّين، ويُذلّ الأمّة وكرامتها، والإيمان بأنّ الشّهادة دون ذلك هو الخيار الكربلائي الذي لا يعطي البيعة للظّالمين والمحرّفين، ويجعل من التضحية منارةً تضيء طريق الأحرار في كلّ زمان ومكان، وتبشّرهم بأنّ سنّة الله تعالى ووعده هو أنّ الدّماء الثائرة بالحقّ والعدل تنتصر على جيوش الظالمين وسيوفهم الغادرة، مهما طال الزّمان واشتدّ الظّلام.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
البحرين المحتلّة
14 يوليو/ تموز 2025 م