قالت منظّمة أمريكيّون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في البحرين إنّ التمييز الدينيّ الذي تواجهه مجتمعات البحارنة والعجم في البحرين تجلّى في أبشع الأشكال: التدمير المتعمد ومحو أماكنهم المقدّسة.
وفي تقرير لها لفتت إلى أنّ المجتمعات الشيعيّة الأصيلة، المتجذرة في تاريخ البحرين، لطالما تعرّضت للتهميش على يد نظام آل خليفة الحاكم، لكنّ هدم المساجد والأضرحة والمقابر يُمثّل اعتداءً ليس على المعتقد فحسب، بل على الهويّة الجماعيّة أيضًا.
وأضافت المنظّمة أنّ البحرين شهدت عام 2011 حملةً مدروسة ضدّ التراث الشيعيّ، حيث تُشير التقديرات إلى أنّ النظام هدم ما لا يقلّ عن 38 مسجدًا وعددًا لا يُحصى من الأضرحة والحسينيّات، غالبًا بذريعة عدم الترخيص، موضحة أنّ الصور والشهادات المحليّة تُشير إلى أنّ العديد منها يعود تاريخه إلى قرون مضت، بما في ذلك مسجد الأمير محمد بربغي الذي يبلغ عمره 400 عام.
وذكرت أنّه إضافةً إلى ذلك، شُوّهت الجدران المقدّسة بكتابات معادية للشيعة عقب عمليّات هدمٍ بموافقة النظام الذي نفّذ عمليّات الهدم ليلًا برفقة شرطة مكافحة الشغب، وغالبًا ما كان يزيل أيّ مخلّفات قبل الفجر في محاولةٍ لمحو أيّ آثار ظاهرة للحياة الطائفيّة الشيعيّة.
وتابع التقرير أنّ هذه الحملة لم تقتصر على المواقع الماديّة، بل تبنّت الحكومة استراتيجيّة أوسع نطاقًا؛ إذ نُقلت مساجد الشيعة إلى مناطق نائية أو أعيد استخدامها كحدائق أو ملاعب للحدّ من الظهور العام، كما سعى تغيير أسماء القرى وإزالة المعالم الأثريّة، مثل دوّار اللؤلؤة، إلى تطهير الوجود الشيعيّ من الأماكن العامة والذاكرة.
ونوّهت المنظّمة إلى أنّ تاريخ البحارنة والعجم تمّ تجاهله وتهميشه بشكل منهجي في التعليم والإعلام؛ إذ تبثّ القنوات التلفزيونية الرسمية فقط الشعائر الدينيّة السنيّة، بينما تُصوّر الكتب المدرسيّة الشيعة على أنّهم غرباء أو مرتبطون بإيران.
وقالت إنّ كبار علماء الدين الشيعة أدانوا هذه الحملة علنًا، واصفين إيّاها بالتدمير الوقح، مطالبين بالتعويضات وإعادة الإعمار، وعلى الرغم من تعهّد النظام بإعادة بناء عشرات المساجد بحلول أوائل عام 2012، فإنّ التقدّم كان متفاوتًا في أحسن الأحوال، فلا تزال العديد من المواقع مدمّرة، وبعضها أعيد بناؤه بعيدًا عن أحيائها الأصلية، مما يُضعف وظيفتها الروحيّة والجماعيّة.
ورأت منظّمة أمريكيّون أنّ الأضرحة والمساجد ليست مجرّد هياكل معمارية، بل هي ركائز للهويّة والذاكرة والانتماء، وتدميرها استراتيجيّة عنف رمزي تهدف إلى محو وجود جماعة معيّنة، مشدّدة على أنّ عمليّات هدم الأماكن المقدّسة في البحرين لم تكن مجرّد أعمال تدمير، بل كانت محاولات لمحو المجتمعات التي بنتها واستخدمتها واعتزت بها، مطالبة النظام الخليفيّ بضرورة الاعتراف قانونيًّا بالمواقع التاريخيّة الشيعيّة كمعالم للتراث الوطنيّ، ودمج تاريخ البحارنة والعجم في المناهج الدراسيّة والمتاحف ووسائل الإعلام العامّة، ودعوة مراقبي الأمم المتحدة إلى حماية الحريّات الدينيّة في المستقبل بما يتماشى مع التزاماته الدوليّة.
تدمير المواقع الدينية الشيعية في البحرين: حالة من العنف الرمزي