لم يكن أهالي الدراز حين اقتحمت عصابات مرتزقة البلدة يفتعلون المشاكل أو يخلّون بالنظام، بل كانوا يكملون تجهيزات موسم عاشوراء، من تعليق يافطات ونصب مجسّمات، وإتمام المظاهر العاشورائيّة.
لكنّ اقتحام قوّات النظام الخليفيّ البلدة بالقوّة وبالجرافات والآليّات، كان يبيّت نيّته بالاعتداء المخطط له على المظاهر العاشورائيّة المكفولة دستوريًّا وإنسانيًّا ضمن حريّة المعتقد، ولا سيّما أنّ الدراز عصيّة عليه وبينهما تاريخ طويل من المواجهات والتصدّي له.
كما صار معلومًا، فإنّ مرتزقة النظام قد اقتحموا بلدة الدراز بهدف إزالة المظاهر العاشورائيّة ومصادرة الرايات واليافطات، فتصدّى لهم الأهالي بشجاعة لمنعهم من ذلك، ما أدّى إلى لجوء هؤلاء المرتزقة إلى استخدام القوّة ضدّهم، فأصيب الشاب «حسن العنفوز» إصابة خطرة في رأسه، وواصلت هذه العصابات اعتداءاتها الآثمة حيث استخدمت الجرافات وصادرت الرايات الحسينيّة بالقوّة المفرطة وبالسلاح.
عصر اليوم ذاته، نشرت وكالة بنا «تهديدات» وزير داخليّة النظام «راشد عبد الله الخليفة» التي صرّح بها في لقائه مع رؤساء المآتم، حيث حذّر مما أسماه «ترك أيّ مجالٍ لمن يحاول العبث بالوحدة الوطنيّة، ممّن عرفوا في وسائل التواصل الاجتماعيّ بأصوات التّأزيم، من خلال دعواتهم المكشوفة لخلط الأوراق واستغلال مشاعر الناس خلال موسم عاشوراء».
اللافت في كلام وزير الداخليّة هو إقحام الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في عاشوراء البحرين، التي يحييها الشعب منذ مئات من السنين، لا لشيء إلّا الولاء لأهل البيت «ع»، إذ قال: «المآتم في البحرين موجودة منذ مئات السنين حتى قبل وجودها في «إيران»، وسوف تبقى تحت مسؤوليّة العوائل التي توارثتها وحافظت عليها عبر هذه السّنين».
لم يدرك الوزير أنّ كلامه هذا عليه لا له، إذ إنّه أكّد أنّ عاشوراء البحرين وإحياء مراسمها سنويًّا لا يخضع لأيّ أجندة خارجيّة، فلا يمكن لشعيرة متجذّرة في أرض الوطن منذ مئات السنين أن تغيّرها عوامل خارجيّة.
واللافت أيضًا أنّ وزير الداخليّة، بدلًا من أن يعتذر لأهل الدراز وأسرة المصاب الحسينيّ «حسن العنفوز» على ما اقترفته أجهزته، أطلق التهديد تلو التهديد، قائلًا: «إنّ السّلطات لن تترك مجالًا لمن يسعى إلى الخروج على النّظام والقانون، ولن تكون عاشوراء مناسبةً لنشر الفوضى ومخالفة النّظام، ولن يُسمح بتحويل مواكب العزاء إلى مسيرات سياسيّة».