ثمّة قصص في معترك الحياة تُنقش بمداد الدماء والتضحية، تروي بسالة لا تُنسى وتفاني غير محدود من أجل الحريّة والعدالة.
في تلك الزوايا المظلمة من العالم حيث الحقّ يُقمع والضمير يُسجن، يبرز أبطال قد لا تسمع عنهم الأخبار العامّة لأنّهم اختاروا طريق المقاومة الصامتة؛ وفي قلب البحرين، الأرض التي تحتضن الشجاعة والمقاومة، يتجلّى ذلك النضال في شخصيّة الشهيد «الحاج حسن علي الستري» الذي غدا رمزًا للنضال في ذاكرة أمّتنا.
ولد «الحاج حسن» في بلدة النويدرات البحرانيّة وترعرع فيها، حيث احتُضن في كنف أسرة متواضعة كانت تقدّر القيم والمبادئ. كبر وفي أعينه ذاك البريق للعدل والحقّ، في شبابه، بدا حسن مخلصًا لوطنه، يحمل هموم جيرانه ومجتمعه على ظهره، يساعد في بناء مجتمع أكثر عدلاً ومساوا، شارك بفعاليّة في المظاهرات المطالبة بالحقوق والحريّات، ما جعله شخصيّة مؤثرة ومحبوبة في المنطقة.
لم يخشَ من التعبير عن آرائه وكان دائمًا الصوت الذي يتحدّث عندما يصمت الآخرون، لم يسعَ للمجد الشخصيّ بل نبعت دوافعه من أعمق مكان في قلبه، حيث حبّه لوطنه وإيمانه بحقّ كلّ إنسان في العيش بكرامة وحريّة.
تروي ظروف استشهاد الحاج حسن قصّة مروّعة عن الألم والتضحية: صباح يوم 19 يونيو/ حزيران 2011، خرج الشهيد ماشيًا من منزله إلى إسكان النويدرات مرورًا بجانب المسجد المهدّم الإمام الصادق (ع)، مكان يجسّد تاريخًا من النضال والمقاومة. آخر ما وقعت عليه عيناه في تلك المنطقة كان طعنةً غادرة، حيث وجد بعد ذلك مغمى عليه في أرض خلاء.
نقلت خبر الواقعة الأليمة إلى أبنائه قوّات الأمن، تلك الجهات التي كانت حاضرة في المكان، عندما وصل ابنه علي إلى الموقع واجه منظرًا مروّعًا؛ جسد والده كان مغطّى بضربات حادة وخاصّة رأسه، المبرّرات لم تفوّت أنّه سقط عن غير قصد، لكن جروح الضربات الحادة في مكان مريب من الرأس تنفي تلك الروايات. استمرّت الإجراءات الطبيّة الشرعيّة والنقاشات مع الأمن حتى تأكّد أنّ الضربات كانت السبب المباشر لاستشهاده.
اليوم، يبقى استشهاد « الحاج حسن علي الستري» رمزًا للثبات والمقاومة، وتذكارًا لكلّ من يناضل من أجل العدل والحريّة في البحرين. تضحيته لن تُنسى وسط تلك الأرض التي حارب من أجلها، لتبقى ذكراه خالدة، تحفّز الأجيال القادمة على السعي وراء حياة أفضل.