يؤكّد النظام الخليفيّ دائمًا أنّه رغم الألقاب الرنّانة التي يملكها، والثروات المنهوبة التي يتمتّع بها ويبذّرها، لا يتعدّى كونه «جامع الكرات» في طرف محور الشرّ، والذي يجمعها محاولًا تفادي ضرباتها، بينما يتنافس الكبار فيما بينهم.
اليوم، وفي خضم ما يحصل في المنطقة، والمعركة الدائرة بين الكيان الصهيونيّ والجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، يجد النظام الخليفيّ نفسه في مفترق طرق، إذ إنّه استشعر خطرًا محدقًا لطالما حذّرته منه قوى المعارضة والشعب، فهو من جهة طبّع مع الصهيونيّ وفتح له البلاد، ومن جهة ثانية أبقى القاعدة الأمريكيّة في أرضه، ومن جهة ثالثة هو من أقرب الأنظمة القريبة جغرافيًّا لإيران، فليس غريبًا أن يسعى متخبّطًا إلى النجاة، ولا سيّما أنّه مربوط بمقاليد الطاعة لأسياده.
الحليف الصهيونيّ شنّ عدوانًا سافرًا على الجمهوريّة الإسلاميّة، لكنّ النظام الخليفيّ اضطرّ إلى إدانة هذا العدوان الذي اكتفى بوصفه بـ«الهجوم» حذَرًا من «تداعياته الخطيرة على الأمن والاستقرار الإقليميّ».
لم يكتف النظام بهذا بل دعا، استباقيًّا، إلى «وقف التصعيد العسكريّ فورًا لتجنيب المنطقة وشعوبها من انعكاساته على الاستقرار الإقليمي والأمن والسلم الدوليّين»، مع «ضرورة مواصلة المفاوضات الأمريكيّة- الإيرانيّة بشأن الملف النوويّ الإيرانيّ، وأهميّة إنهاء هذا الصراع الإقليميّ لصالح جميع شعوب المنطقة».
إدانة يُلمس منها قلق خفيّ واعتذار ضمنيّ للحليف الصهيونيّ الذي لم يتوانَ النظام عن إرضائه من ناحية أخرى، وذلك عبر تشديده الخناق على أيّ حراك شعبيّ مناهض له ومتضامن مع الجمهوريّة، بل وصل به الأمر إلى استدعاء المواطنين وتهديدهم ومنعهم من المشاركة بأيّ فعاليّة تدعم حقّ إيران في الدفاع عن نفسها، وهي عبارة أغفلتها إدانته للعدوان الصهيونيّ.
أمّا السيّد الأمريكيّ الذي تحكمه مصالحه ولا يقيم وزنًا لأذنابه، كان ردّه على تحميل إيران إيّاه مسؤوليّة المشاركة بالعدوان الصهيونيّ عليها نتيجة دعمه ومساندته للكيان، أن طلب من مواطنيه في البحرين والكويت والعراق مغادرتها حفاظًا على سلامتهم وأمنهم؛ موقف وجد فيه النظام الخليفيّ نفسه غارقًا في مستنقع الخضوع للأمريكيّ؛ فالخطر الإيرانيّ يتهدّد القواعد الأمريكيّة أينما وُجدت، ذلك أنّ العدوان الصهيونيّ ما كان ليحصل لولا تنسيق الولايات المتحدة وإذنها، وهو ما سيحمّلها مسؤوليّة الآثار والعواقب الخطرة لمغامراته، وفق بيان للخارجيّة الإيرانيّة.
إذًا، بينما ينتظر النظام الخليفيّ مصيره المجهول، وهو عالق بين مطرقة التطبيع وسندان الخضوع للأمريكيّ، يعمل على امتصاص ردود أفعال الأطراف المتنازعة بتصاريح ومواقف متناقضة، بينما يواصل إصراره على تجاهل الموقف الشعبيّ الواضح والصريح: لا للتطبيع ولا للقواعد الأمريكيّة ونعم للتضامن مع إيران وفلسطين، هوّة خلقها النظام بتعنّته في تجاهل إرادة الشعب، ووسّعها بطاعته العمياء للأمريكيّ وتحالفه مع الصهيونيّ.