في الثالث عشر من يونيو/ حزيران عام 2011، وقف العالم شاهدًا على إحدى لحظات التاريخ المأساويّة، حيث اعتقل النظام الخليفيّ عددًا من الكوادر الطبيّة في البحرين.
أطبّاء وممرّضون كانوا يؤدّون واجبهم الإنسانيّ بأسمى معانيه، وقفوا ليسجّلوا موقفًا إنسانيًّا استثنائيًّا وسط دوامة من الأزمات؛ أُلصقت بهم تهم كيديّة، في محاولة بائسة من النظام الخليفيّ للانتقام منهم بعد أن اختاروا الإنسانيّة عنوانًا لموقفهم.
لقد خرق هذا النظام كلّ القواعد الأخلاقيّة والعرفيّة المرتبطة بالحياد الطبيّ، إذ إنّ التعذيب وسوء المعاملة كانا من نصيب الكادر الطبيّ خلال احتجازهم؛ فمضاعفة الألم لمن كانوا يداوون الجراح هو تجاوز لا يمكن السكوت عنه، ويتطلّب الوقوف بحزم ضدّ كلّ من تسوّل له نفسه انتهاك الكرامة الإنسانيّة.
حتى بعد الإفراج عن هؤلاء الأطبّاء والممرّضين، استمرّ النظام في سياساته الانتقاميّة بفصلهم من وظائفهم وحرمانهم حقوقهم، في سابقة تعكس الظلم الممنهج والغياب الكامل للعدالة؛ وهنا، لا بدّ من التساؤل عن رمزيّة هذه الذكرى التي لا تحمل فقط الألم، بل تحمل أيضًا تساؤلات حول استحقاق العدالة وحقوق هؤلاء المهنيّين الطبيّين.
في خضم هذه الأحداث، يعلو صوت الشعب مطالبًا بالعدالة كشرط لازم للسلام والاستقرار. السلام الحقيقيّ ليس مجرّد غياب للصراع، بل هو توفّر العدالة وحقوق الإنسان وتوفير الرعاية الصحيّة من دون انتقاص.
وإذا ما كان للعدالة أن تتحقّق، فإنّ النضال يجب أن يستمرّ، النضال من أجل العدالة وصون الكرامة الإنسانيّة مستمرّ حتى تُسترد كامل حقوق شعبنا في البحرين، وذلك بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وتقديمهم للعدالة.
لن تحمل هذه الذكرى فقط الألم، بل بها دعوة مستمرّة إلى العمل والتضامن، للدفاع عن حقوق الأطباء وكلّ من عانى تحت وطأة الظلم، إنّها دعوة إلى العدالة، دعوة إلى الحرية، دعوة إلى الإنسانيّة التي يجب أن تسود في كلّ زاوية من زوايا وطننا الحبيب.
إنّ استرجاع الحقّ لا يقلّ أهميّة عن الدفاع عن الحقّ نفسه. وفي النهاية، يجب أن نتذكّر دائمًا أنّ العدالة، وحدها، هي الطريق نحو السلام الذي نطمح إليه جميعًا.