في خضمّ الصراع بين إرادة الشعوب وجبروت الطغاة، ثمّة ذكرى تأبى أن تغيب عن الأذهان، وهي ذكرى الأوّل من يونيو/ حزيران عام 2011، يوم أطلّ سحر الحريّة على الأفق، لتشرق شمس يوم جديد أعلن فيه انتهاء قانون الطوارئ فوق تراب البحرين الطاهر، تلك الأرض التي شهدت فجر ثورة اللؤلؤ، نسيمها عبق برائحة العزم والتحدّي.
ثورة ؤاللؤلؤ التي اندلعت في 14 فبراير/ شباط 2011، لم تكن مجرّد حدث عابر في تاريخ البحرين، بل كانت صرخة مجروحة تبلورت من رحم المعاناة والظلم، سطّرت أروع معاني النضال والتضحية على جدران الواقع، مدوّنة بدماء الشرفاء الذين رفضوا العيش تحت وطأة الظلم. مطلبهم لم يكن إلّا تقرير المصير، حقّ مشروع في جميع المواثيق الدوليّة، قانون يسعى إلى أن يكون الحكم بيد الشعب، الذي هو مصدر السلطات كافّة.
لم يكن طريق ثورة اللؤلؤ مفروشًا بالورود، فقد واجه الشعب البحرانيّ قسوة نظام آل خليفة ووحشيّته، بقيادة الطاغية حمد الذي سارع إلى فرض «قانون الطوارئ»، محاولًا بهذا الإجراء القاسي كتم أنفاس الحريّة ودفن الأصوات الطامحة إلى الكرامة تحت ثقل القهر والقمع. وفي ظلّ هذا النظام، شهدت البحرين انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تجسّدت في اعتقالات تعسّفيّة، وتعذيب في مراكز الاحتجاز، ومحاكمات جائرة، سُلبت خلالها حقوق البحرانيّين وحريّاتهم الأساسيّة.
ورغم آلة القمع التي استخدمها النظام الخليفيّ الفاقد للشرعيّة، لم تنكسر إرادة الشعب، وظلّ أبناؤه صامدين كصخور أرض اللؤلؤ، مؤمنين بعدالة قضيّتهم وقدسيّة نضالهم. وفي ذاك الصراع بين إصرار الشعب وعناد الطاغية، كان لا بُدّ من فجر يضيء الدرب، وكان ذاك الفجر يوم الأوّل من يونيو/ حزيران 2011، اليوم الذي شهد إنهاء قانون الطوارئ بعد أن عجز النظام أمام صمود الشعب، كانت خطوة أولى نحو تحقيق الحريّة، وإن كان الطريق لا يزال طويلًا، فالشعب البحرانيّ العظيم لم يستسلم يومًا لليأس، يواصل حراكه الثوريّ، بالعزم والأمل ذاته الذي بدأ به منذ ثورة اللؤلؤ، فمعركته من أجل تقرير المصير لم تنتهِ بعد. فالحقّ في تقرير المصير ليس مجرّد شعار، بل هو جوهر ثورة اللؤلؤ، وهو الطريق الذي سيمضي عليه شعب البحرين حتى نيل حريّته واستعادة كرامته التي لطالما حلم بها.
يتجلّى حتمًا، في هذا السعي، جوهر الحريّة الذي لطالما أنشدته الأمم وذادت عنه بكلّ ما أوتيت من قوّة، ويظلّ الأمل معقودًا على استمرار هذا الزحف الشعبيّ نحو العدالة والكرامة الإنسانيّة.