في العمق المؤلم للتاريخ، حيث العدالة تغيب والقوّة تصمّ آذانها عن صيحات الحقّ، يستمرّ سيل دماء الشرفاء بكتابة فصول من الصمود في وجه الظلم.
يوم الإثنين 29 مايو/ أيّار 2023، أضاف النظام السعوديّ صفحة داكنة جديدة إلى سجلّه الملطّخ بالدماء، بإعدامه الشهيدين المناضلين «صادق ثامر وجعفر سلطان» بالقتل تعزيرًا على خلفيّة تهم انتزعت تحت وطأة التعذيب.
اعتُقل الشابان عند جسر الشهيد النمر في الثامن من مايو/ أيّار 2015، من دون أيّ مذكّرة اعتقال، ونُقلا إلى غياهب «سجن المباحث العامّة» بمدينة الدمام حيث انقطعت أخبارهما.
وفي سيناريو متوقّع، حُكم عليهما بالإعدام بناءً على «اعترافات» انتُزعت تحت وطأة التعذيب وسوء المعاملة، بتهمة «الانضمام إلى خليّة إرهابيّة وزعزعة أمن السعوديّة والبحرين».
ما تعرّض له ثامر وسلطان لم يكن إلّا مثالًا صارخًا عن استخدام الأنظمة القمعيّة القضاء كأداة للتنكيل بأصوات المعارضة وإسكات دعوات الإصلاح والحريّة؛ لكن ما يفشل هؤلاء الحكام في إدراكه هو أنّ كلّ قطرة دم تسيل على أرض الكرامة والشرف تسقي جذور ثورة الحقّ والعدالة.
ثورة 14 فبراير في البحرين التي تفجّرت طلبًا للحقوق والكرامة والعدالة الاجتماعيّة تجد في استشهاد «صادق ثامر وجعفر سلطان» شرارةً جديدة تُضاف إلى لهيبها الذي لا يخبو. ببركة دمائهما الطاهرة التي اختلطت بدماء شهداء القطيف، تتجدّد العزائم ويزداد الإصرار على المضي قدمًا نحو مستقبل حرّ، يُبنى على مبادئ العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان.
في الذكرى الأليمة لاستشهادهما، يجب أن نتذكّر أنّ كلّ صوت يُخمد بالترهيب وكلّ حياة تُزهق بالظلم تزيد من لهيب الثورة، تستنهض الأحرار في كلّ مكان للانتفاض في وجه الظلم والاستبداد. لقد أصبح دم «صادق وجعفر» سبيلًا إلى تذكيرنا بأنّ معارك الكرامة والحريّة ليست قصيرة الأمد، وأنّ الطريق إلى العدالة معبّدة بالتضحيات.
رحم الله الشهيدين، وكلّ شهيد ارتقى مدافعًا عن الحقّ والعدالة، ويبقى الأمل في أنّ ذاكرة شهدائنا وتضحياتهم ستظلّ مشعلًا يضيء درب الحريّة، ويقود الأجيال القادمة نحو فجر جديد من الحقّ والكرامة.
ستتواصل ثورة 14 فبراير، وبركة دماء شهدائها ستبقى إلهامًا للأحرار، تُروى من جيل إلى جيل حتى تتحقّق العدالة.
إعدام الشهيدين «صادق ثامر وجعفر سلطان» على يد آل سعود.. تأكيد لوحدة الدم مع شهداء القطيف
