في قلب الأمّة، وعلى الرفوف الممتدّة من الذاكرة، تحفظ أسماء أولئك الذين منحوا أرواحهم على مذبح الحريّة.
للشهادة صدى يتردّد في ساحات العزّ، ويكسو جدران الصمود برايات الفخر والجلال؛ ها هي ذا ذكرى الشهيد «السيّد عمران حميد عدنان» تعود إلينا، تجدّد فينا روح النضال، وتقودنا مجدّدًا إلى زخم الثورة التي لا تخبو جذوتها.
في كرزكان، وُلد بطلًا ونشأ مجاهدً؛ عمران، الشاب الباسل ذو الثلاثين ربيعًا، حمل البصيرة في قلبه والعزم في خُطاه. كانت الأرض التي وطأتها قدماه مسرحًا للكفاح، وكان نبض قلبه يتّسق مع إيقاع أمل لا يتوقف، لقد كان الشهيد قصّة إلهام لا تنتهي، حتى في تاريخ استشهاده الأليم، الثامن والعشرين من مايو/ أيّار عام 2013، وقف شامخًا بوجه الظلم، شهيدًا ساميًا ضحّى بحياته دفاعًا عن حقّه وحقّ أمّته في العيش بكرامة.
خلال مشاركته الفعّالة في المسيرات الشعبيّة، واجه عمران بصدره العاري وحشيّة قوّات المرتزقة، التي لم تتوان عن استخدام أبشع أساليب القمع، هاجم أفرادها بوحشيّة، لم تسلم منهم حتى منازل الآمنين، وأفرطوا في استخدام الغازات السامّة حتى صار الهواء موبوء بالموت، مرّات عدّة، جاهد عمران ليأخذ نفسًا في تلك الأجواء الملوّثة، لكنّ السموم نالت من جسده الطاهر، تداعت حالته الصحيّة شيئًا فشيئًا، حتى اضطرّ أهله إلى نقله عاجلًا إلى مستشفى السلمانيّة، وهناك، حيث يفترض أن يكون ملاذًا للشفاء، لفظ أنفاسه الأخيرة، مخلّفًا جرحًا غائرًا في القلب، وذكرى لا تمحى للتضحية العظمى.
أيّتها الأرواح الثائرة، ليس بمقدور الموت أن يسرق منّا رموز النضال، ولا الإكراه أن يخمد شعلة الإصرار. «عمران حميد عدنان» لم يعُد مجرّد اسم، بل أصبح رمزًا للصبر على البلاء وقوّة في وجه العدوان. استشهاده ليس ختامًا لحياة بل بداية لإرث من المقاومة والاقتداء.
فلنقتبس من نور شجاعته، ولتستمرّ الهمم في التحليق عاليًا حتى تُنَال الأهداف، ولتكن حياته وشهادته الشرارة التي تضيء فينا جذوة الأمل، فكلّما أشرقت الذكرى، تجدّدت العزيمة، ولتكن ذكرى استشهاده دافعًا لنا للمضي قدمًا نحو مستقبل يليق بتضحيات الأمس ويحقّق آمال الغد.