صدر عن المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الموقف الأسبوعيّ، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
يتقدّم المجلس السّياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير بأحرّ التعازي والمواساة إلى عموم شعب البحرين وإلى أسرة فقيد الوطن وشهيد الغربة الشّاب المجاهد «علي عبد الجليل فتيل» الذي انتقل إلى جوار ربّه الأعلى في العراق قبل أيّام، حيث كان يقضي سنوات الغربة عن الوطن والأحبّة، نتيجة سياسات أجهزة الكيان الخليفيّ وملاحقتها لشباب البحرين داخل البلاد وخارجها.
إنّ هذا الحدث الجلل يُسلّط الضّوء من جديد على ملفّ مئات الشّباب المهجّرين في الشّتات، وما يعانونه من مضايقات وملاحقات أمنيّة في بعض دول المهجر، وهو موضوع يُحضَّر ليكون ملفًّا جديدًا بيد الكيان الخليفيّ لبثّ اليأس بين المهجّرين، وتفكيك قواعد المعارضة، ومحاصرة حقّ العودة إلى الوطن ضمن استراتيجيّة الابتزاز على حساب الحقوق والتخلّي عن الثورة وأهدافها، وهي السّياسة ذاتها التي يعتمدها العدوّ الصّهيونيّ في فلسطين المحتلة وغزّة وجنوب لبنان، إذ تُطبَّق معادلة احتلال الأرض وتدمير وجود السّكان الأصليّين، ومن ثمّ تحويل التهجير القسريّ إلى جزء من استراتيجيّة الهيمنة والإبادة.
ونسجّل في هذا الموقف الأسبوعيّ العناوين الآتية على هامش الأحداث والمستجدّات الأخيرة:
1- نجدّد أهمّية أن تبادر قوى المعارضة إلى إعداد رؤية مفصّلة حول ملفّ المهجّرين في دول الشّتات، والنّظر إليه على أنّه واحد من الموضوعات الأساسيّة، وفي صُلب إدارة الثورة وحراك الشّعب وتقوية قواعده وبيئاته. ونحثّ على أن يكون محتوى هذه الرّؤية مبنيًّا على جملة من الثّوابت والمداخل العمليّة، وعلى رأسها تأكيد حقّ العودة بوصفه حقًّا أصيلًا لكلّ مواطن هُجّر من وطنه تحت القهر والتّرهيب، وأنّ تفعيل هذا الحقّ يقتضي إنّهاء كلّ مسبّبات اضطرار مئات المواطنين إلى الخروج من ديارهم، بما في ذلك إسقاط المنظومة الأمنيّة ومحاسبة القتلة والجلاّدين، إضافة إلى العمل على تأمين كلّ لوازم الحفاظ على الانتشار البشريّ البحرانيّ، وإيجاد روابط مؤسّسيّة واجتماعيّة تقوّي هذا الوجود، وتحوّله إلى عنصر أساسيّ في رفد العمل المعارض في الخارج، وتأمينه روحيًّا وثقافيًّا ضدّ أيّ شكل من أشكال الاختراق والإضعاف.
2- أظهر الطّاغية حمد – مجدّدًا – عمالته لقوى الاستعمار، وعدم انتمائه لهذه المنطقة وشعوبها، إذ اختار اللّهو وحضور سباق الخيل في بريطانيا بدلًا من حضور أعمال القمّة العربيّة التي انعقدت في بغداد (17 مايو/ أيّار)، خارقًا البروتوكول المعتاد بتسليم رئاسة القمّة إلى الرّئيس العراقيّ. إنّ هذا السّلوك يختصر طبيعة المرحلة الماضية التي ترأس فيها الكيان الخليفيّ الدّورة السّابقة للقمّة العربيّة، وجعلها منصّة لإدانة «طوفان الأقصى»، والتّغاضي عن جرائم الإبادة الصّهيونيّة في غزّة والضّفة ولبنان واليمن، بل كرّس فيها التّطبيع مع العدوّ الصّهيونيّ والتمسُّك بالعلاقات معه رغم هول جرائمه المستمرّة حتّى اليوم. إنّ امتناع آل خليفة عن حضور قمّة بغداد هو إمعان وقح في استرضاء الأمريكيّين والصّهاينة، ومواصلة منهم للمسار المخزي للدّورة السابقة التي غضّت الطّرف عن إدانة كبرى الجرائم باغتيال الأمين العام لحزب الله «الشّهيد الأقدس السّيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)» في بيروت، واستباحة العواصم العربيّة، ليكون هذا السّلوك ضوءًا أخضر لاستمرار العدوان والإبادة والاغتيالات في غزّة ولبنان وسوريا واليمن. إنّنا نسجّل الدّورة السّابقة للقمّة العربيّة باعتبارها دورة النكبة والإبادة، وبإمضاء من كيان عميلٍ مجرم شبيه في نشأته وتوحّشه بالكيان الصّهيونيّ.
3- لخّصت كلمة وزير الخارجيّة الخليفيّ في جلسةِ افتتاح قمّة بغداد المواقفَ المخزية التي تضمّنتها رئاسة الكيان الخليفيّ للدّورة السّابقة، ونعبّر هنا عن الاستنكار الكامل لكلّ ما ورد في تلك الكلمة التي كرّست نهج التّطبيع والاستسلام للعربدة الأمريكيّة- الصّهيونيّة تحت عنوان «السّلام»، وقبول الأمر الواقع الذي يفرضه العدوان الصّهيونيّ المتواصل على دول المنطقة وشعوبها. كما نحذّر من الغطاء الجديد الذي روّجه الوزير الخليفيّ في قمّة بغداد تحت عنوان: «التحالف الدّولي لتنفيذ حلّ الدّولتين» الذي تقوده السّعوديّة ليكون قناعًا لتمرير التطّبيع في المرحلة المقبلة، ونؤكّد أنّ آل سعود يتولّون إدارة هذا التّحالف بغية تنفيذ أجندة خبيثة تتلاقى مع أهداف العدوان الصّهيونيّ- الأمريكيّ، ولذلك ندعو شعبنا في البحرين وكلّ الشّعوب والأحرار إلى إفشال هذا التّحالف واعتباره نسخة مستحدثة لاتفاقات التّطبيع الخيانيّة، وأن يكون موضعًا للتنديد والاستنكار في الاعتصامات والمسيرات والتجمّعات والبيانات والعرائض الدّاعمة للحقّ الفلسطينيّ والعربيّ، ومقاومة التّطبيع والإبادة الصّهيونيّة.
4- كشفت زيارة المجرم «دونالد ترامب» الأخيرة إلى المستعمرات الخليجيّة المستوى الدّونيّ الذي يمثّله الطّاغية حمد مقابل بقيّة الطواغيت والوكلاء المستبدّين الذين تسابقوا إلى منح ترامب التريليونات من أموال الشّعوب وثرواتها. أمّا الطّاغية «حمد» الذي استنزف ثروات البحرين وشعبها لتمويل ملاهي أبنائه وسباقاتهم المراهقة؛ فلم يملك من شيءٍ للتّباهي به أمام ترامب غير التّفاخر بوجود الأسطول الأمريكيّ الخامس على أرض البحرين، ليجدّد سيرته المعتادة التي أكّدها قبل سنوات أمام البريطانيّين عندما دعاهم إلى العودة إلى احتلال البلاد، واستعداده وكلّ قبيلته لخدمة المستعمرّين ومشاريعهم. إنّ عبوديّة آل خليفة للمستعمرين والغزاة هو بوليصة التأمين المعتمدة لضمان استمرار أنظمتهم ونيلهم الحماية من الخارج، وهي الوصفة التي يريد الأمريكيّون والصّهاينة فرضها على كلّ الطّغاة والمجرمين ليضمنوا لهم البقاء والاستمرار مقابل المزيد من التّطبيع والعبوديّة والرّضوخ للإملاءات.
5- لن تقبل شعوب المنطقة بأن تكون دولها وثرواتها في خدمة الاستكبار والاستعمار، ورغم كلّ ما جرى من دمار وإبادة على مستوى دول المقاومة وشعوبها، لن يُفرضَ عليها القبول بمنطق الرّضوخ والاستسلام للتطبيع والهيمنة، وشعبنا في البحرين الذي يواصل حضوره في ساحات التّضامن مع فلسطين والمقاومة الشّريفة هو نموذج للرّوح الحيّة التي تنبضُ في عموم بلداننا التي نعدّها مستعمرات حديثة بسبب استيلاء العملاء على أمورها وشؤون الحكم فيها، ولكن شعوبنا ستكون لها كلمتها وموقفها الغالب في تحرير هذه المستعمرات، انطلاقًا من تمسّكها بالوفاء لمشروع المقاومة وجبهاتها الشّجاعة، والعمل الدّؤوب على هذا الدّرب وإلى حين تحقيق الانتصار على المستعمرين وأذنابهم وإسقاط الكراسي المدنّسة بالخيانة والإجرام والفساد.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الإثنين 19 مايو/ أيار 2025م
البحرين المحتلّة