صدر عن المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الموقف الأسبوعيّ، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
اختار الكيانُ الخليفيّ في البحرين أن يتفاعل مع الوضع الإقليميّ والدّوليّ المضطّرب بالطّريقة التي تحقّق مصلحته الأولى في استمرار الحكم الاستبدادي ومنظومة الفساد، وهو اختيار غير جديد على هذا الكيان القبليّ الذي ارتكز على ثنائيّة إبادة المواطنين الأصليّين والالتحاق بالقوى الأجنبيّة لضمان حماية وجوده الاحتلاليّ.
وعلى هذا المنوال، تشهد بلادنا البحرين اليوم تفعيل أخطر مستويات الإبادة السياسيّة والثقافيّة في وجه المجتمع المحليّ ومكوّناته الأصيلة، وبتوظيف أدوات القمع الأمنيّ والسّياسيّ، والاستعانة بالأقنعة المزيّفة التي توفرها ما تُسمّى «الخطّة الوطنيّة لحقوق الإنسان» الجاري إعداد نسختها الثانية والتي تتلوّث بحملات التصعيد الأمنيّ الأخيرة، ومنع العمّال من إطلاق مسيرتهم السّنويّة في «عيد العمّال»، وشنّ المزيد من الاعتقالات والاستدعاء إلى أجهزة القمع، في الوقت الذي تتواصل فيه الأدوات المكمّلة لمشروع الإبادة الشّاملة، بما في ذلك إنهاك البيئات الشّعبيّة والاجتماعيّة بأمواج من أزمات البطالة والإفقار والحرمان الممنهج، مع جرعاتٍ متواصلة من سياسات تخريب الهويّة المحليّة ومحاصرة الوجود الثقافيّ وتزييف تاريخ البلاد، كما يتجلّى مع استمرار منع أكبر صلاة جمعة في البلاد، وإعادة هيكلة إدارة الأوقاف الجعفريّة لإحكام الهيمنة عليها واستعمالها للتغطية على مشروع استئصال الهويّة الأصيلة. وكلّ ذلك بمعيّة استبسال آل خليفة في أداء كلّ ما يجب عليهم من فروض الطّاعة والخضوع لمحور الشرّ الأمريكيّ- الصّهيونيّ.
ومن هذا المنظور، نسجّل في الموقف الأسبوعيّ العناوين الآتية في إطار المستجدّات والأحداث الجارية:
1- نرفع التّعازي لأهالي ضحايا حادث التسرّب الخطر الذي وقع في 2 مايو/ أيّار الجاري في شركة «بابكو أنرجيز»، وندعو الله تعالى الشّفاء للمصابين. نؤكّد أنّ هذه الحادثة تحيل إلى أصل الجريمة المنظّمة التي كرّسها آل خليفة منذ احتلالهم البحرين، بعد أن وضعوا حِرابهم على ثروات البلاد وتقاسموها على أنّها غنائم «الفتح». فما يحصل اليوم في إدارة البلاد هو استمرار لسياسة توزيع الغنائم مع القبائل الحليفة. وقد أخذ ذلك منحنيات متعدّدة في عهد المقبور «خليفة سلمان»، ومن بعده المتصهين «سلمان ابن الطاغية حمد»، ثمّ حلّ المنحنى الأكثر خطورة بعد أن وُضعت الخطّة لتضخيم موقع «ناصر ابن الطاغية» بمنحه المناصب والبطولات الوهميّة في مختلف القطاعات، وآخرها الاستيلاء على قطاعي النفط والغاز في البحرين بسيطرته على إدارة شركة «بابكو».
2- تصرّفَ المراهق ناصر مع الثروة النفطية على أنّها غنيمته الخاصة، واستعمل موارد شركة «بابكو أنرجيز» للصّرف على هواياته الشّخصيّة، كما تعمّد ضرب الطّابع الوطنيّ للقطاع النفطيّ بعد بيع بعض أصول الدّولة في الشركة إلى شركة أمريكيّة- صهيونيّة، ليكون هذا القطاع مفتوحًا على مصراعيه لكلّ أنواع الفساد والمحاصصة. لذلك كان من الطّبيعي أن تتكبّد الشّركة الخسائر، وأن تنخفض إجراءات السّلامة، وأن تُساء إدارة الثروة الوطنيّة لتكون سببًا في الإضرار البيئيّ وتفشّي الأمراض الخطرة، وكلّ ذلك في غياب الشّفافية ولجان التحقيق المستقلّة التي صُمّمت دومًا لتكون على غرار اللجنة المعلن عنها للتحقيق في حادثة «بابكو» حيث تشكّلت من ممثّلين حكوميّين لا يمكنهم أن يضعوا أصابعهم على أصل الجريمة المتمثّل في فساد الجلاد المراهق ناصر، وتحميله شخصيًّا المسؤوليّة عن الحادثة، وضرورة إزاحته من هذا المنصب وبقيّة المناصب العليا التي زُجّ فيها لإرضاء نزواته.
3- في اليوم العالميّ لحرية الصّحافة (الموافق ٣ مايو/ أيّار من كلّ عام)؛ وجّه الطاغية حمد رسالة بالمناسبة ادّعى فيها بأنّ الصّحافة في البحرين هي «منارة للفكر والتنوير وعنصر مهمّ في الحفاظ على الهويّة البحرينيّة»، وهذا الخطاب المضلّل هو جزء لا يتجزأ من المشروع المشار إليه في استكمال أدوات الإبادة الممنهجة، فواقع الصّحافة والإعلام في البلاد لا يُخفى على أحد، فهو يخضع لقبضة الكيان الخليفيّ، ولا توجد صحف مستقلّة ولا فضاء مفتوح للرّأي الحرّ، وكلّ ما يُنشر أو يُكتب هو تطبيل للطّاغية وأبنائه الفاسدين، وتنفيذ للتعليمات والتوجيهات التي يصدرها «الدّيوان الملكيّ» المعني مباشرة بإدارة الفساد والاستبداد في البلاد وبالتعاون المزدوج مع مجلس العائلة الخليفيّة ومجلس الدّفاع الأعلى، بما يحقّق توازن الفساد بين أقطاب القبيلة المحتلّة، وتقاسم الغنائم والنفوذ فيما بينها، مع أولوية تضخيم ترويكا أبناء الطّاغية «سلمان، ناصر، خالد»، وتولّيها إرث الترويكا القديمة «عيسى، سلمان، حمد»، ما يفسّر ما تغصّ به الصّحف المحليّة ووسائل الإعلام والدّعايات في الشوارع من كلّ تهليل وأكاذيب، وبمقاييس تُرضي نزوات الطّاغية وأبنائه من جهة، ومن جهةٍ أخرى تحقّق الأهداف العميقة من وراء منظومة الاستبداد والفساد، خاصّة تقويض الوجود الماديّ والثقافيّ لشعب البحرين الأصيل، وتدمير مكوّناته الاجتماعيّة ومقدّراته الاقتصاديّة.
4- ما إنْ فُرِض على البرلمان الصّوريّ في الكيان الخليفيّ تمرير الموازنة العامة للدّولة، ومنعه من التحقّق في أرقامها، والبحث في أسباب العجز الفعليّ بالموازنة؛ حتى سارعَ وزير ماليّة حكومة سلمان إلى الطّلب مجدّدًا برفع سقف الدَّين العام، واللجوء للاقتراض لسداد العجز في الموازنة العامّة، الأمر الذي يكشف عمق الفساد الماليّ والإداريّ المستشري في حكومة سلمان، ما دفعَ إحدى دول الخليج المساهمة في «المارشال الخليجي» لتجميد إسهامها الماليّ، ما يزيد من فقدان مصداقيّة حكومة سلمان أمام حكومات الخليج، وليكون المواطنون أمام أخطار إضافيّة لدفع ثمن هذا الواقع المثقل بقبيلةٍ مستبدّة وفاسدة لا يعينها إنقاذ اقتصاد البلاد من حافة الانهيار الكامل، بل يسعدها أن يبقى الشّعب محاصرًا في دوّامة مستمرّة من أزمات المعيشة، وإجباره على الانشغال بهذه الأزمات، وبما يعطّل بناء مشروع النهوض الحقيقيّ والخلاص من القبيلة المجرمة صانعة الشّرور والأزمات.
5- نؤكّد أنّ القبيلة الخليفيّة لا تدير هذا المشروع الشّرير بمفردها، بل تخضع في ذلك لقوى الهيمنة الخارجيّة، خصوصًا من جانب الأمريكيّين الذين يتوغّلون في كلّ مجالات الدّولة وقطاعاتها، ويفرضون القرارات التي تناسبُ مصالحهم الحيويّة والسّيطرة على الشّعب. ولتعزيز هذه الهيمنة الأمريكيّة؛ تتوالى على البلاد زيارات المسؤولين الأمريكيّين من كلّ التخصّصات والمجالات، ومنهم المعنيّون بهندسة الوعي المحلي واستملاك الفئات الحيويّة في المجتمع، ومنها زيارة أخيرة لحاكم ولاية نيوجيرسي الأمريكيّة «فيل مورفي» بغرض ترويج المشاريع الاستعماريّة في البحرين، ولا سيّما استهداف قطاع الشّباب، واستزراع برامج جديدة تتماشى مع «الهويّة الأمريكيّة» القائمة على الليبراليّة المنحلّة، والتوحّش الرأسمالي، وخدمة أجندة التوسّع الاستعماريّ والصّهيونيّ، ما يتناقض مع قيم شعب البحرين ومبادئه الدّينيّة والوطنيّة والأخلاقيّة.
6- نؤكّد أنّ الكيان السّعوديّ المجرم هو طرف أساسيّ في دعم قبيلة آل خليفة وإسناد احتلالهم الإجراميّ للبحرين. وقد ظلّ آل سعود، منذ زمن، موردًا ثابتًا في تغذية القبيلة الخليفيّة بالبطش والتبعيّة والفساد، وبات من الثابت أنّ كيان آل خليفة هو ملحق بالكيان السّعوديّ وبشكلٍ مطلق، وجرى تنظيم هذه التبعيّة في السنوات الماضية من خلال المجلس التنسيقيّ المشترك الذي يُناط به طبخ السّياسات العليا ووضع القرارات التفصيليّة حول كلّ القضايا والملفّات، ليكون غرفة العمليّات التي يديرها آل سعود ويحضرها آل خليفة لتلقي الأوامر، وكان آخر اجتماع للمجلس التنسيقيّ الأسبوع الماضي من خلال اللجنة الأمنيّة المشتركة، وتزامن انعقادها مع موجة القمع الواسعة التي شهدتها البحرين، كما تجدّد بعدها الوجه الدّموي لآل سعود مع تنفيذ أحكام إعدام جديدة قبل يومين بحقّ الأخوين «حسن ومحمد غيث» من أبناء القطيف، لتسيل هذه الدّماء البريئة وسط جرائم الإبادة في غزّة والعدوان على لبنان وسوريا، والحرب العدوانيّة على اليمن العظيم، وكأنّ السّعوديّين والخليفيّين يفضّلون تهيئة زيارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» لمنطقة بتأكيد انتسابهم إلى حلف مرتكبي الجرائم وحروب الإبادة الذي يقوده الأمريكيّون والصّهاينة.
7- ختامًا، نؤكّد أنّ مشاريع الهيمنة والتقسيم وحروب الإبادة التي تستهدف شعوب المنطقة ودولها الحرّة لن تجد إلّا التصدّي والمقاومة وبكلّ الوسائل المشروعة، ومهما أمعن الإباديّون من حكّام التطبيع ومن قوى الاستكبار في جرائمهم؛ فإنّ وعي المقاومة ومحورها في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران سيُبقيهما الأقوى، ولن تسقط لهما راية رغم الإبادة الجماعيّة، والنموذج الحيّ يقدّمه لنا اليوم شعب اليمن العظيم الذي يسجّل الملاحم البطوليّة في مواجهة العدوان الأمريكيّ، ويصرّ على دعمه الوفيّ لغزّة ومقاومتها، ويواصل تنفيذ العمليّات البطوليّة في عمق الكيان الصهيونيّ، وآخرها باتجاه مطار «بن غوريون»، وهذا النموذج اليمنيّ هو واجهة شعوب المقاومة ودولها الشريفة، وهو الرّسالة المفتوحة التي تحمل عنوان الصمود والوفاء والمقاومة حتّى تحقيق النصر بإذن الله تعالى.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الإثنين 5 مايو/ أيّار 2025م
البحرين المحتلّة