في ظلّ ضوء الشمس الذي يبدو أشدّ توهّجًا في يوم العمّال العالمي، تتشابك أيدي العاملين في البحرين، أيادٍ بنت وصقلت ورسّخت حجر الزاوية للحقّ في العيش والعمل الكريم.
نقف اليوم تحيّة وإجلالًا لهذه الأيادي التي لطالما كانت سبّاقة في ركب التطوّر وبناء الأمّة، بالرغم من كلّ التحدّيات والمعوّقات.
التاريخ النضاليّ للحركة العمّاليّة والنقابيّة في البحرين يروي قصصًا من المقاومة والصمود أمام الاعتقالات، والفصل الانتقامي، والمحاكمات الجائرة. عمّال ونقابيّون تحدّوا الطغمة الخليفيّة، ودافعوا عن حقوقهم بشجاعة وإيمان عميق بالعدالة، مواجهين السياسات الاستعماريّة والخليفيّة بكلّ قوى الأرض والسماء.
نعبّر اليوم عن إجلالنا لهذه الروح النضاليّة، الروح التي شكّلت المحرّك الأساسيّ للحركة الوطنيّة، ولكنّ القلق يتخلّل قلوبنا تجاه السياسات المزدوجة للطغمة الخليفيّة، التي أثبتت أنّ هدفها إفقار المجتمع، وتقويض الاقتصاد الوطنيّ، وإعاقة كلّ خطوة نحو التقدّم والازدهار.
هذه السياسات لم تؤدّ فقط إلى انهيار الحريّات النقابيّة والعمّاليّة، بل فضّلت مشاريع فاشلة وربطت السياسة الاقتصاديّة بمصالح أمريكيّة- صهيونيّة، ما وضع البحرين في موقف ضعيف أمام القوى الاحتكاريّة.
إنّ إغراق البلاد بأكثر من نصف مليون عامل أجنبيّ، وتحويل 84 ألف فيزا سياحيّة إلى فيزات توظيف، لم يكن اختيارًا عائمًا بل سياسة ممنهجة تسبّبت في انتهاكات حقوق العاملين والمواطنين على حدّ سواء، بما في ذلك الدمار الديموغرافيّ والثقافيّ للبلاد.
إنّ ارتفاع معدّلات البطالة بين المواطنين، وتناقص فرص العمل المناسبة، والتلاعب بأموال التأمينات وصندوق التقاعد، والفساد الأخلاقيّ المنتشر تحت غطاء «السياحة المفتوحة»، كلّها مؤشّرات على سياسات مدمّرة.
لكنّ في قلب التحدّي يكمن طريق الأمل. يجب علينا تجديد الدعوة إلى إحياء روح النضال العمّاليّ والتاريخيّ لتلك الحركة الوطنيّة الباسلة، وتشكيل جبهة موحّدة لمقاومة هذه السياسات وتعزيز التكافل الاجتماعيّ.
لقد حان الوقت ليعي العمّال والشباب وكلّ طبقات المجتمع البحرينيّ أهميّة التكاتف وتوحيد الصفوف لتشكيل حركة وطنيّة تستعيد نضالات الماضي، ليس فقط لتحقيق الحقوق العمّاليّة والنقابيّة، بل أيضًا لإرساء أسس مجتمع عادل ومزدهر لكلّ أبناء البحرين.
في يوم العمّال العالمي، لنجعل من هذا الاحتفال بداية ثورة جديدة؛ ثورة تعيد الحقوق، وتبني وطنًا يسع الجميع بعدل ومساواة.