أقام المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير عبر برنامج «حديث البحرين» ندوة حواريّة بمناسبة ذكرى هدم المساجد، تحت عنوان: «التعدّي على الحريّات الدينيّة في البحرين: هدم المساجد ومنع صلاة الجمعة –نموذجًا-».
وقد استضافت الأستاذ والباحث في الحوزة العلميّة «سماحة الشيخ توفيق علوية»، ومدير المكتب السياسيّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في بيروت الدكتور «إبراهيم العرادي»، وأدارتها الإعلاميّة «أوجينا دهيني».
وقالت دهيني إنّ هذه الجريمة النكراء الموصوفة التي استهدفت بيوت الله، تركت جرحًا نازفًا ليس فقط في قلوب أبناء الشعب البحرانيّ الحرّ، بل في قلب كلّ إنسان مؤمن وشريف في هذا العالم، فهذه السياسة لا تزال مستمرّة في استهداف أبناء الشعب البحرانيّ، ولا سيّما عبر سياسة الاضطهاد الدينيّ التي تهدف إلى ضرب الهويّة والوجود لهذا الشعب المتمسّك بالقيم الإسلاميّة المحمديّة الأصيلة، التي ترتبط دائما بالقضايا الكبرى، وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة.
الشيخ «توفيق علوية» أوضح أنّه من المعلوم أنّ الشعوب تتعاقد مع الحكّام على أساس وظيفة، وهي تأمين متطلّباتها، وعلى هذا الأساس يُنصّب الحاكم حاكمًا، وعندما يرى الشعب أنّ الحاكم لا يلبّي متطلّبات العقد الاجتماعيّ، يستطيع أن يقيله بكلّ بساطة. أمّا الحاكم، بطبيعته، فعليه أن يقرّ بأنّه لم يعد أهلًا لهذا المنصب.
وأكّد سماحته أنّ الشعوب العربيّة والإسلاميّة لا تطالب إلّا بأبسط حقوق المواطنة: العيش الكريم، الحريّة الدينيّة، الحياة الاقتصاديّة الطبيعيّة، الكرامة، وتأمين الاحتياجات الأساسيةّ كالكهرباء والماء والغذاء والدواء، والشعب في البحرين يطالب فقط بأبسط حقوق المواطنة ضمن بيئة دينيّة واضحة، فهو بغالبيّته موالٍ لأهل البيت «ع»، ولكن للأسف الشديد، حتى حقوقه البسيطة بممارسة شعائره لا تتحقّق؛ فالحاكم يتعامل مع الشعب كأنّه غير موجود، مستندًا إلى فرض القوّة وليس إلى التأييد الشعبيّ.
ورأى أنّه في البحرين، تُسلب حريّة المعتقد وممارسة الشعائر الدينيّة، ولا تؤمّن أبسط حقوق العيش الكريم، لافتًا إلى أنّ الإمام الخميني كان يعدّ الشعب المعيار الحقيقي لبقاء الحكم، حتى خلال الحرب لم يلجأ إلى قوانين الطوارئ، بل أصر على إقامة الانتخابات، ولكن في البحرين ثمّة قطيعة مطلقة بين الحاكم والشعب، ولا يُراعى أيّ عقد اجتماعي أو عدالة اجتماعيّة، والمظلوميّة في البحرين لا تضاهيها مظلوميّة إلّا إذا استثنت مظلوميّة فلسطين.
ورأى الشيخ علوية أنّ تأسيس مركز الملك للتعايش، وبناء الكنائس، وإنشاء الجوائز العالميّة للتسامح، كلّ هذا يأتي ضمن سياسة التجميل الإعلاميّ، بينما الواقع مختلف تمامًا: فالشعب البحرانيّ يعاني من قمع دينيّ، وضرب الهويّة، ومصادرة الحريّات.
وأضاف أنّ في العالم العربيّ والإسلاميّ، هناك ازدواجيّة في التعامل مع العدالة والحقوق، وتُستثنى أمريكا و«إسرائيل» من معايير العدالة الإنسانيّة.
وشدّد على أنّ شعب البحرين يريد العيش المشترك، الحريّة الدينيّة، ونصرة القضايا العادلة مثل القضيّة الفلسطينيّة، ومن دون تحقيق هذه المطالب، كل الشعارات تبقى جوفاء لا قيمة لها.
الدكتور إبراهيم العرادي قال إنّ الحديث عن الاضطهاد الدينيّ في البحرين حديث ذو شجون، عايشه الشعب منذ القديم، مشيرًا إلى انّ الاعتداء على المساجد والحسينيّات لم يبدأ في 2011 بل قبل ذلك بكثير، إذ صودرت المساجد، وانتهكت حرمتها على مدار السنوات الماضية.
ولفت إلى ازدواجيّة المعايير لدى النظام في تعامله مع صلاة الجمعة، فهو بينما يمنع إقامة الصلاة المركزيّة للطائفة الشيعيّة في جامع الإمام الصادق «ع» بمنطقة الدراز، يبثّ الصلاة للطائفة السنيّة من جامع الفاتح على التلفزيون الرسميّ، ويستغلّ بعض الخطباء لمهاجمة الشيعة وتمجيد النظام والتطبيع مع الكيان الصهيونيّ، بتوجيه مباشر من الديوان الملكيّ.
ولفت العرادي إلى التلميع الإعلاميّ الكاذب الذي يظهر أنّ البحرين ترعى الحريّات الدينيّة، وتعقد المؤتمرات لحوار الأديان، بينما في الواقع تُمنع الصلاة وتُهدم المساجد ويُضطهد الشعب.
وقال إنّ التهجير الديموغرافيّ والطائفيّ ليس من الأمور جديدة، فقد بدأ النظام سياسة التهجير منذ عام 2000 بفرض دستور فرديّ، واستبدال السكّان الأصليّين بمجنّسين جدد.
وبعد ثورة 14 فبراير عام 2011، أصبحت هذه السياسات أوضح للجميع: هدم المساجد، كمقام الصحابيّ «صعصعة بن صوحان»، ومصادرة الحقوق الدينيّة والمدنيّة، منوّهًا إلى أنّ هذا ليس مجرّد اضطهاد داخليّ بل يرتبط بالمشروع الصهيونيّ الكبير، الهادف إلى القضاء على الهويّات الأصليّة، خاصة تلك المرتبطة بفلسطين والمقاومة.