في ظلّ غياهب ليل طويل يعجّ بالصمت والخوف، أُنزلت عقوبة الإعدام على «سلمان عيسى علي سلمان محسن»، في مشهد يعكس البؤس الذي بات يطوي جنبات البحرين؛ حيث أصبح الانتقام شعارًا يرفعه حكّام آل خليفة ضدّ أصوات الحريّة التي تصدع في ثورة اللؤلؤ، موجّهين به الصفعة تلو الصفعة لكلّ من يجرؤ على المطالبة بالحقّ في تقرير المصير.
سلمان الذي خُطف في ظروف تشوبها الغموض عام 2015، ووجّهت إليه تهم ثقيلة اتسمت بالظلم وغياب الشفافيّة: «قتل الشرطيّ الباكستانيّ محمود فريد، في ما أُطلق عليه تفجير العكر»، فُقدت في قضيّته كلّ معايير العدالة والإنصاف، إذ أُيّد حكم إعدامه بناءً على اعترافات جاءت تحت وطأة التعذيب الممنهج والقسوة التي لا تُحتمل.
المحكمة الفاقدة للشرعيّة، برئاستها وأعضائها، سجّلت نفسها في تاريخ البحرين كأداة للظلم والقهر، حيث غيّبت عن ساحتها كلّ مقوّمات المحاكمة العادلة، وصدر الحكم باعتباره رسالة رعب لكلّ من يحلم بغد أفضل لهذا البلد. حكم الإعدام، الذي يندرج تنفيذه تحت لواء الانتقام السياسيّ، ليس إلّا وسيلة لإسكات الأصوات الثائرة وقمع حركة المقاومة السلميّة.
لكنّ على الرغم من الاعتقالات والأحكام القاسية، فإنّ صوت الحريّة لا يمكن كتمه، ودماء الشهداء تزيد من عزيمة الشعب على مواصلة النضال، داعية إلى ضرورة محاسبة آل خليفة على جرائمهم ضدّ الشعب البحرانيّ، وضرورة الإعلان عن حقّ تقرير المصير.
إنّ الإصرار على استخدام الإعدام كأداة للسلطة في محاولة بائسة للحفاظ على الهيمنة، يعكس الضعف الحقيقيّ لهذه الحكومة، ويشير إلى افتقارها للشرعيّة في الحكم. لذا، يجب أن يستمرّ الصوت الثوريّ في العلو، مطالبًا بالحريّة والعدالة لسلمان ولكافة المعتقلين السياسيّين، ورافعًا العلم الطامح إلى برّ الأمان والحقوق الإنسانيّة المستحقّة.
في نهاية المطاف، يتضح أنّ الحكم بالإعدام على «سلمان عيسى علي سلمان محسن» ليس إلا محاولة يائسة لإخماد الأصوات المنادية بالحريّة، لكن التاريخ يعلّمنا أنّ الظلم مهما طال أمده لن يدوم، وأنّ نور الحريّة والعدالة سيشقّ طريقه في نهاية المسار، ليضيء دياجير الظلم والاستبداد.
إنّ الحاجة إلى إلغاء حكم الإعدام بحقّ سلمان، والإفراج عنه وعن رفاقه، هي دعوة ملحة إلى إعادة النظر في ممارسات العدالة وحقوق الإنسان في البحرين. لا يمكن السكوت عن استخدام عقوبة بهذه القسوة كأداة للقمع السياسيّ، خصوصًا عندما تُبنى على أسس مهتزة من الاعترافات المنتزعة تحت وطأة التعذيب وعدم توفير محاكمة عادلة.
يجب على المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التدخّل بفاعليّة للضغط على النظام لإعادة النظر في هذه الأحكام وضمان إقامة محاكمات عادلة لكلّ المتّهمين ظلمًا وجورًا.
إنّ إنقاذ حياة سلمان ورفاقه ليس مجرّد عمل إنسانيّ فحسب، بل هو استعادة للعدالة وتأكيد بأنّ الحقّ في الحياة هو أسمى الحقوق التي يجب أن تُحترم وتُصان. فالإفراج عنهم وإسقاط الحكم خطوة أولى ضروريّة نحو تصحيح مسار العدالة وبداية جديدة نحو تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، بعيدًا عن الانتقام والقمع.