تُجسّد قضيّة المعتقل السياسيّ المحرّر «جعفر معتوق» مأساة حيّة لمعاناة من سُلبت حريّتهم ظلمًا، ثمّ أُفرج عنهم ليُسلبوا حقوقهم من جديد، في وجه منظومة تواصل التنكّر لكرامتهم الإنسانيّة، وحقوقهم الأساسيّة.
جعفر، الذي فقد بصره قبل اعتقاله، قضى عشر سنوات خلف القضبان في ظروف صحيّة قاسية، ليُفرج عنه لاحقًا وهو يواجه حرمانًا جديدًا، وهذه المرّة من أبسط حقوقه: الحقّ في التقاعد. ورغم ظروفه الاستثنائيّة، رفضت المؤسّسات الخليفيّة منحه حقّه في التقاعد بذريعة «غياب المستندات»، متجاهلة تمامًا ما تعرّض له من إقصاء ممنهج وظروف قهريّة تسبب بها النظام الخليفيّ الفاسد نفسه، وحالت دون تمكينه من توثيق عجزه أو المطالبة بحقوقه.
وفي هذا السياق، يقول جعفر: «انتقلت مباشرة من المستشفى إلى السجن، في رحلة لم تترك لي فرصةً لالتقاط أنفاسي، فكيف لي أن أقدّم أوراقًا أو أطالب بحقوقيّ في ظلّ القيد والسجن؟».
قضيّة جعفر ليست استثناءً، بل هي مثال صارخ على الظلم الممنهج والاستهداف السياسيّ المتواصل بحقّ المعتقلين السياسيّين الذين نالوا حريّتهم، وهي تكشف كيف يُستخدم الإفراج عن المعتقلين كقناع لمحاولة طمس الانتهاكات، دون أن تُصحّح آثارها. فبدلًا من الاعتراف بالسنوات المسلوبة من أعمار المعتقلين السياسيّين يواجههم النظام الخليفيّ الفاسد بجدار من الصمت الإداريّ والحرمان القانونيّ وسجن جديد بالمحاصرة المعيشيّة.