في ذكرى استشهاد الشهيدين البطلين، «أحمد محمد عبد الرسول المسجّن وعلي عباس أحمد» يُشعل الثوار مشاعل البطولة والعزّة، مستذكرين صورتيهما المنيرتين في سماء الحريّة كنجمين لا يخبوان. فلا شيء يُعلي من شأن الأمم ويُبرز عزيمتها مثل الدماء الطاهرة التي تُراق على طريق العدل والحريّة.
أحمد وعلي، شابان في مقتبل العمر، اختارا الوقوف في وجه الظلم على الركون إلى حياة هانئة قد يَمُنّها عليهما الصمت. فبينما كان أحمد يعيش ريعان شبابه السادس عشر، ملهمًا أقرانه بنشاطه الثوريّ الذي لم تُضعِفه أيّام السجن القاهرة، آثر علي، بعد إتمامه دراسته الثانويّة، أن يشتدّ عوده في ميادين النضال بدلاً من مواصلة الدراسة الجامعيّة. صورة مشرقة لشباب عرف كيف يصون كرامة أمّته، مضحيًا بأغلى ما يملك في سبيل حريّتها وكرامتها.
أدهشت قوّة العلاقة التي ربطت بين الشهيدين الصديقين كلّ من عرفهما، حيث كانت توحّد بين قلبيهما أخوّة الدم وروح الثورة. في صمت الليل، كانا ينسجان أحلامهما لوطنٍ حرّ، وفي وضح النهار، كانا ينثران على دروب الكفاح زهورًا من عزم لا يلين. سارا معًا، يدًا بيد، في درب النضال، مؤمنين بقضيّتهما، دون أن يكلّا أو يملّا، حتى أصبحا رمزًا للشجاعة والإصرار.
ما حدث يوم السبت 19 أبريل/ نيسان 2014 يجسّد صورة بطوليّة من صور التضحية التي يمرّ بها مسار الثورات، حيث قضى الشهيدان وهما ينشدان العدل والحريّة والثأر لكرامة الشعب ومقدّساته، لتُغلق صفحة مشرقة من صفحات الكفاح والمقاومة بمأساة ظلّت شاهدة على الظلم والاضطهاد.
لذا، في هذه الذكرى، نعاهد الشهيدين العظيمين على السير في دربهما، متسلّحين بالإيمان والعزم. فمهما طال الليل، لا بدّ للفجر من أن ينبلج، ومهما عظمت التضحيات، فإنّ ضوء الحريّة لا بد أن يتوجّها بالنصر.
اليوم، ونحن نستذكر شهادتهما، نجدّد العهد والبيعة لهذه الأرض ولدماء الشهداء، بأن نظلّ أوفياء لحلم الحريّة والعدل، مؤكّدين أنّ دماء الشهداء لن تذهب هدرًا، وأنّ تضحياتهم منارة تهدي أجيال الحريّة القادمة.