في البحرين، أرض الثورة والصمود، تتعالى الأصوات مجدّدًا لتذكر شهيدًا قدم روحه فداءً لأمّته، «عبد العزيز العبار»، الشاب البحريني الذي غُلفت حياته بطابع البطولة والتضحية، والذي استشهد تاركًا خلفه بصمة لا تُنسى في قلب الحركة الثوريّة.
عندما نعود بالزمن إلى ذلك اليوم، 18 أبريل 2014، نجد عبد العزيز يشارك في ختام تشييع الشهيد القائد «السيّد علي الموسوي (أبو هادي)» في منطقة سار، ولكن برصاصة شوزن غادرة، كان لا بد أن يكتب القدر نهايته. تحت زخات الرصاص، وقف عبد العزيز شامخًا كالجبل، لكنّ رصاصة قاتلة استقرّت في رأسه، وضعته في غيبوبة استمرّت 52 يومًا غلّفتها الآلام والأوجاع، قبل أن يُعلن عن وفاته المأساويّة.
لم تقف المأساة عند هذا الحدّ، فقد انطلقت عائلة العبار في معركة قانونيّة شائكة مع النظام الذي رفض الاعتراف بالسبب الحقيقيّ لاستشهاد ابنهم، زاعمًا أنّ «الوفاة» نتجت عن تلف في المخ. لكن عزيمة العائلة ودعم المجتمع قادا إلى تحقيق انتصار صغير بعد معركة استمرّت 80 يومًا، حيث أُعيد كتابة سبب الوفاة الحقيقيّ، ليُسلّم الجثمان، ويُقام له موكب تشييع حاشد يليق بمقامه وتضحياته.
تاركًا خلفه طفلين يتيمين وخلفاء لقصّة محارب لم يترك الساحة إلّا مضرجًا بدمائه، تحوّلت قضيّة عبد العزيز إلى رمز للنضال ضدّ الظلم والاستبداد، داعيًا إلى الاستمرار في الحراك من أجل الحريّة وكشف الحقيقة، لتخلد ذكراه في قلوب الأحرار.
إنّ قصّة «عبد العزيز العبار» ومعركته شاهد على ثبات الأحرار ورفضهم الظلم والاستبداد، وتذكير بأنّ هذا الطريق محفوف بالتضحيات، لكنّه في النهاية طريق الانتصار للحقّ والعدالة.
فليسطّر التاريخ بأحرف من نور كلّ شهيد قدم الروح رخيصة في سبيل الوطن، وليتذكر الجميع سيرة الشهيد «عبد العزيز العبار» الذي قاتل بشجاعة وأصبح خالدًا في الذاكرة، رمزًا للحريّة ونبراسًا للأجيال القادمة في مشوار الحقّ والكرامة.