في رياض الخلود، حيث تُزرع أسماء الشهداء وتنمو ذكراهم كأشجار باسقة لا تموت، تتألّق اليوم سيرة شهيد وقائد ميدانيّ ترك في القلوب أثراً لا يُمحى، وفي الأفق ضوءًا لا يخبو؛ «حسين شرف» الشاب الذي عشق الأرض وتحدّى الظلم، ابن العكر الغربي الذي لم يتجاوز عمره الواحد والعشرين ربيعًا، لكنّه خاض في سنينه المعدودة معارك أكبر من الزمن، معتنقًا فلسفة الثورة والمقاومة بروح تفيض إيمانًا وعزمًا.
اليوم، ترفرف أعلام الحريّة عاليًا، محمّلة بسيرة شهيد تحوّل إلى قصّة ملهمة لكلّ من يؤمن بقضيّة. حسين، الشاب النابض بالحياة، الذي رسم بمقاومته ملحمة بطوليّة خُلّدت في الذاكرة الوطنيّة. لم يحلم بحياة طويلة تسري في طرقات أنانيّة أو تطمح لمستقبل يخلو من العطاء. حلمه الأوحد كان أسمى وأنبل، فقد كان تحرير وطنه وحماية أرضه. واستشهاده في منزل بمنطقة العكر الغربيّ في الأوّل من أبريل/ نيسان 2014، ليس إلّا شهادة على تجذّر هذا العشق والفداء.
حسين شرف لم يكن مجرّد فرد؛ بل كان فكرة، راية، وثورة بذاته. ففي زمن يفتقد الكثيرون للجرأة، كان حسين يمتلك جرأة الأسود وروح القادة. كان صوت الحقّ الذي لا يخاف في الله لومة لائم، متمسّكًا بخيار المقاومة الحسينيّة، ومؤدّيًا واجبه الجهاديّ حتى آخر نفس.
في الذكرى السنويّة لاستشهاده، تُسطّر الأقلام عبارات الفخر وتُحاك قصائد العزّ في معانقة روحه الثوريّة. لأنّهم، بكلّ تأكيد، لم يقتلوا حسينًا؛ فكيف لهم أن يقتلوا من أصبح رمزًا يُحتذى ونورًا يهدي سبيل المقاومين؟!
إنّ ذكرى استشهاد «حسين شرف» معلم بارز في تاريخ النضال، صفحة مشرقة في دفتر الأمجاد الذي يروي سير البواسل الذين آثروا غيرهم على أنفسهم، سائرين على درب الاستشهاد، باحثين عن فجر الحريّة والعدالة.
لذا، في هذه الذكرى، لن نقول وداعًا حسينًا، بل إلى اللقاء في فجر يُروى ببسالتك. فروحك وذكراك ستظلّان خالدتين في وجداننا، تُلهمان الأجيال وتُنيران طريق الحريّة والكرامة؛ لروحك السلام والرحمة، يا رمز العطاء والفداء، نم في سلام واطمئنان، فقد أدّيت الأمانة، وبقيت ذكراك علمًا يُرفرف عاليًا في سماء المجد والعزّة.