في ذكرى الاستشهاد، نرفع الأقلام ونحني الرؤوس تقديرًا وإجلالًا للروح التي ناضلت حتى ضحّت على مذبح الحريّة. تُطوى الصفحات يومًا بعد يوم، لكن يبقى اسم الشهيد «السيّد أحمد سعيد شمس» محفورًا بأحرف من نور في سجلّ التاريخ، شاخصًا كلمس دائم، يُلهم كلّ حرّ ثائر على وجه هذه الأرض.
السيّد أحمد شمس، الفتى الذي لم يكمل ربيعه الرابع عشر بعد، من أبناء منطقة سار البواسل. بقلبه النقيّ وعزيمته اللافتة، لم يكن يعلم أنّ يوم 30 مارس/ آذار 2011 سيكون شاهدًا على قطف زهرة حياته التي ذبلت قبل أن يفتحها القدر. وُلد أحمد ليكون سفيرًا لقضيّة، تاركًا بصمة لا تحيد على جدار المطالبة بالعدالة والمساواة، صارخًا بصمته أعلى من كلّ هتاف.
في إحدى الزوايا المظلمة من التاريخ، وفي مساء يوم لا يمكن إلّا أن نتذكّره بالألم والأسى، واجه الشهيد الصغير أحمد قدره المحتوم. بينما كان يجتاز بكلّ براءة أحد شوارع مدينته مع أصدقائه، حيث استُهدف بشكل بشع ومباشر من قوّات النظام التي كانت تَجول في المكان. سقط شمس، طفلًا يافعًا، أرضًا جرّاء إصابته بمقذوف من القنابل الصوتيّة اصطدم بيسرة وجهه بالقرب من العين. وعلى الفور، نُقل إلى مستشفى الإرساليّة الأمريكيّة، لكنّ القدر كان أسرع، فلم يُنقذ الأمل الذي توارى مع نبضه الأخير.
بكلّ الثبات والإصرار الذي يشعّ من ذكرى شهدائنا، نواصل المسير على درب الحقيقة، نطالب بحقوق ضحايانا وملاحقة الجناة حتى الرمق الأخير. سنحمل لواء العدالة، نروي تراب الوطن بدموع الفخر، وننشد الأحرار في كلّ مكان لتتحقّق مطالب السماء. إنّ الوفاء للشهيد «السيّد أحمد سعيد شمس» لن يتوقّف عند القصاص من قتلته وحسب، بل هو استمرار لمعركة الحريّة التي بدأها، فكلّ صوت حُرّ يُردد اسمه، يكون وعدًا بأنّ ثورة العدل لم تهدأ أو لن تُهزم.