في الذكرى الأليمة لاستشهاد الشاب «مصطفى أحمد حمدان» ابن السابعة عشرة، نستحضر قصّة شابٍ ضحّى بحياته من أجل مبادئ وقيمٍ يعتقد بها إيمانًا راسخًا.
مصطفى، الابن البار لمنطقة كرباباد، استشهد في الرابع والعشرين من مارس/ آذار عام ٢٠١٧م، لِيُصبح رمزًا للنضال والتضحية في سبيل العدالة والكرامة.
تعرّض مصطفى للإصابة برصاصة حيّة في رأسه، وذلك في ساعات الصباح الباكر من يوم الخميس 26 يناير/ كانون الثاني 2017، إثر هجوم مليشيات ما يسمّى بجهاز الأمن الوطنيّ على المعتصمين أمام منزل آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في منطقة الدراز. في تلك اللحظات الحرجة والمؤلمة، واجهت عائلته وأمّه بالتحديد، معاناة بالغة بعد رفض مستشفى قريب استقباله، لتتحمل على عاتقها نقله بسيّارتها الخاصّة إلى مجمع السلمانيّة الطبيّ، حيث أُفيد بأنّه أصيب بكسرٍ في الجمجمة واختراق الرصاص لدماغه، ما أدّى إلى حتميّة فقدانه الحياة.
رغم قِصَر حياته، خلّف مصطفى إرثًا لا يُمحى من الشجاعة والإيثار. كان نموذجًا للشاب المُضحي من أجل قضيّة أكبر من حياته الشخصيّة. وحين نُشرت وصيّته المؤثرة التي خطّها بيده، عكست نُبل شخصيّته وعمق تفكيره بالآخرين قبل نفسه. توجّه بالكلام إلى صديقه مهدي وعائلته، مؤكدًا ضرورة برّ أمّه والصبر على الابتلاء، ودعا الشباب إلى العفو والتسامح، مُجسّدًا بذلك روحًا أخويّة نادرة وعميقة الأثر.
يُعلِّمنا مصطفى أنّ الحياة ليست مجرّد أيّام نعيشها، بل هي القيم التي نقف من أجلها والمبادئ التي نضحّي في سبيلها. على خُطاه، نُدرك أنّ في الصمود والنضال، رغم قسوتهما، يكمن معنى الحريّة وكرامة الإنسان الحقيقيّة. لقد آمن بأنّ الدفاع عن العدل والحقيقة يتطلّب التضحيات، وكان شعلة تضيء درب التوق إلى عالم أفضل، حيث تُحترم الحقوق وتُصان الكرامات.
في هذه الذكرى، لنتذكّر مصطفى ليس فقط كشهيد، بل كمُلهم يدعو إلى الوحدة والتكاتف والحب لوطن يساع الجميع. ليكن ذكره نبراسًا يُضيء مسارنا نحو العدل والحقّ، مؤكّدين بذلك أنّ التاريخ لن ينسى من ضحّوا بأرواحهم من أجل غدٍ أفضل لأوطانهم وللإنسانيّة جمعاء.