في ظلال الذكرى الرابعة عشرة لاعتقال الرموز القادة، تتجدّد فينا مشاعر الإخلاص والوفاء لهؤلاء العظام الذين مضوا في درب الحريّة بعزم لا يخبو وحماس لا يتوانى، قدّموا أرواحهم قرابين على مذبح الحقيقة والعدالة، مسلّطين الضوء على دربٍ ثوريّ يتّسم بالإصرار والتفاني في معتقد راسخ بقوّة الحقّ وعدالة القضيّة.
في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخنا، يجب ألا ننسى أنّ دماء الشهداء التي سالت على تراب الوطن الغالي، والصرخات التي اخترقت صدور الليالي الحالكة، لم تكن هدرًا بل كانت البذرة الصلبة التي ستنبت في تربة الحريّة والعدل. تلك الأصوات التي هتفت بالمطالب الحقّة، وسعت إلى ترسيخ قيم العدالة والكرامة الإنسانيّة، ما زال صداها يتردّد في الأزقّة والشوارع، معبّرة عن الإرادة الصلبة لشعبٍ لا يقبل الظلم ولا يركع إلا لله.
الطريق التي أضاءتها هذه القامات الشمّاء ليست مفروشة بالورود، بل محفوفة بالمخاطر والتحديات، لكن العزيمة التي تحلّى بها قادتنا والمبادئ الأصيلة التي دافعوا عنها هي الشعلة التي تنير لنا الدروب، وتذكّرنا بأنّ الحريّة ثمنها غالٍ ولكنّها تستحق كلّ التضحيات.
اليوم نقف على أعتاب هذه الذكرى لنعيد تأكيد تلاحمنا الوطنيّ ووحدتنا في مواجهة كلّ محاولات القمع والاستبداد. نجدّد العهد للرموز القادة ولكلّ شهيد ضحّى بدمه من أجل حريّة وطننا وكرامته. نقول لهم إنّ ذكراهم وتضحياتهم ستبقى نبراسًا يهتدي به الأجيال القادمة، لتلهمهم في الاستمرار بالنضال حتى تحقيق العدالة والحريّة والكرامة للجميع.
لن تكون الذكرى الرابعة عشرة مجرّد مناسبة نستعيد فيها الذكريات، بل هي محطة لاستلهام العزم وتجديد الإيمان بقضيّتنا العادلة، ومواصلة الكفاح بروح جديدة تأبى الخضوع والاستسلام. إنّها دعوة متجدّدة لكلّ الأحرار والشرفاء في وطننا للانخراط في صفوف النضال، حاملين راية العدل والحريّة عالية، مستلهمين من الرموز القادة الدروس والعبر، ومستمرّين على دربهم حتى تحقيق الأماني في وطن حرّ كريم.