أثبتت التجربة، بعد 14 عامًا من دخول قوّات درع الجزيرة للبحرين والمباشرة في مواجهة الحراك السلميّ فيها دعمًا للجيش والشرطة والحرس الوطنيّ ومختلف تشكيلات وزارات الداخليّة والدفاع، فشلَ الخيار الأمنيّ والعسكريّ الذي استخدمه النظام ومارسه للقضاء على تطلّعات البحرينيّين في الحريّة والعدالة والديمقراطيّة، وبناء نظام سياسيّ متطوّر وقادر على استيعاب آمالهم وصون حقوقهم.
لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للتردّد، وفي ظلّ المتغيّرات المتسارعة والصعبة وعلى امتداد هذا العالم وبالخصوص منطقتنا، أنّ الأوطان تُصان وتستقرّ بتماسك الجبهة الداخليّة والعدالة للجميع وهي عناصر معدومة في البحرين، وبغياب تلك الأسس والقواعد ستظلّ التحدّيات والضغوط القصوى قائمة، ولن تتغيّر أو تتبدّل، وستبقى حالة المدّ والجزر قائمة؛ لكنّ أصل الواقع المأزوم سيظلّ ضاغطًا على الواقع السياسيّ والاقتصاديّ والأمنيّ والمجتمعيّ ما لم ينَل البحرينيّون حقّهم السياسيّ الكامل.
وفي ذكرى إعلان حالة الطوارئ التي نرى أنّها لا تزال تستحوذ على العقليّة الأمنيّة والسياسيّة في البلد، وقمع المعتصمين في «دوّار اللؤلؤة» نؤكّد الآتي:
• رفضنا القاطع لأيّ تدخّل أجنبيّ عسكريّ في الشؤون الداخليّة للبحرين، واعتبار ذلك اعتداءً على السيادة الوطنيّة، وانتهاكًا للقوانين والمواثيق الدوليّة، ومصادرة لإرادة الشعب البحرينيّ في تقرير مصيره وإصلاح أوضاعه الداخليّة بطرق سلميّة وحضاريّة.
• تحمُّل النظام في البحرين كامل المسؤوليّة عن الأزمة السياسيّة المستمرّة، وضرورة الاعتراف بالأخطاء والتجاوزات الفادحة التي ارتكبت منذ العام 2011، والتي كان من أبرزها الاستقواء بالقوى الخارجيّة لقمع تطلّعات الشعب المشروعة.
• الدعوة إلى تغيير سياسيّ جذريّ وشامل يعالج الأسباب الجوهريّة للأزمة، ويضمن مشاركة سياسيّة حقيقيّة لمكوّنات الشعب البحرينيّ كافّة، بعيدًا من سياسات الإقصاء والتهميش والاستبداد.
• ضرورة تحقيق العدالة الانتقاليّة وإنصاف ضحايا القمع والانتهاكات، بما يشمل محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، وتعويض المتضرّرين، واتخاذ الخطوات الكفيلة بعدم تكرار مثل هذه الممارسات مستقبلًا.
• إنّ الاستقرار الحقيقيّ لا يمكن أن يتحقّق عبر القمع الأمنيّ والعسكريّ، وإنّما عبر تمكين الشعب ليكون مصدرًا لجميع السلطات، بما يؤسّس لدولة المواطنة الحقيقيّة والعدالة الاجتماعيّة.
إنّ الوطن اليوم بأمسّ الحاجة إلى مراجعة شاملة لسياسات القمع والاستبداد والاستقواء بالخارج، والاتجاه نحو تحقيق تطلّعات شعب البحرين المشروعة، وفتح صفحة جديدة يكون عنوانها الحريّة والعدالة والديمقراطيّة.
ختامًا، نجدّد التزامنا بمطالب شعبنا المشروعة، وسعينا الدؤوب نحو تحقيق تطلّعاته في الحريّة والكرامة والعدالة، مؤكّدين أنّ هذه الحقوق ليست منّة من أحد، بل هي استحقاق أصيل لن نتنازل عنه مهما كانت التحدّيات.
الجمعة 14 مارس/ آذار 2025م