صدر عن المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الموقف الأسبوعيّ، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
رغم مرور أكثر من 14 عامًا على ذكرى الغزو السعوديّ للبحرين، يستعيد أبناء شعبنا هذه الذكرى بمزيد من العزم والإصرار على المطالبة بحقوقهم الوطنيّة المشروعة، بعد أن فشلت «قوّات درع الجزيرة» في إخماد الحراك الشعبيّ رغم قمع اعتصام دوار اللؤلؤة وفرض قانون الطوارئ واعتقال قادة الثورة وتنفيذ أوسع عمليّات الاستباحة والقتل والاضطهاد الطائفيّ.
إنّ جرائم «قوّات درع الجزيرة» في البحرين ستبقى وصمة عار في جبين الأنظمة المتصهينة في الخليج التي مع ما ارتكبته من فظائع مروّعة لم تفلح في إجبار شعب البحرين على اليأس ورفع راية الاستسلام، وبقيت راية ثورة 14 فبراير ترفرف في الميادين والساحات عامًا بعد آخر، وتشعل الأمل المتجدّد بتحقيق النصر على الاستبداد وإقامة نظام سياسيّ جديد عادل يحقّق تطلّعات المواطنين.
وأمام أجواء هذه الذكرى، نتوقّف في الموقف الأسبوعيّ عند العناوين الآتية:
1- عشيّة ذكرى الاحتلال السعوديّ للبحرين وهدم دوّار اللؤلؤة، يؤكّد الشعب أنّ 14 فبراير لن تكون ذكرى من الماضي، لأنّ ساحة الاعتصام في 2011 كان لها الفضل في خلق إنعاش التوافق الوطنيّ الكبير على الحلّ السياسيّ الدستوريّ الكفيل بإنقاذ البلاد من الديكتاتوريّة والتبعيّة الأجنبيّة، وكما عجزت جيوش درع الجزيرة عن إركاع المواطنين، فإنّ الحرب الإعلاميّة وآلة التضليل فشلت في تشويه المطلب الوطنيّ بكتابة دستور عصري جديد على أنقاض دستور الطاغية حمد الناكث للعهود والمواثيق، وقد فوجئ الجميع – بعد أيّام من دخول «قوّات درع الجزيرة» عام 2011 – بعنفوان شعبنا وبسالته في مواجهة الانتهاكات الواسعة، وسرعان ما استعاد حضوره الشعبيّ والثوريّ في خضم حملات القتل والمداهمات الإرهابيّة للمناطق، ليقدّم نموذجًا غير مسبوق في الاحتجاج وابتكار وسائل المقاومة المدنيّة وردع المعتدين. إنّ هذه الحيويّة الثوريّة التي أعقبت الغزو السعوديّ تؤكّد رسوخ الوعي الوطنيّ لشعبنا العزيز، وعدالة مطالبه بتقرير المصير، وهي السرّ المستمرّ الذي يجعل الشعب قادرًا على بذل التضحيات الكبيرة وإفشال التآمر الأمريكيّ والنفاق الغربيّ والتزوير الممنهج الذي تعرّضت له الثورة ومطالبها.
2- سارع الكيان الخليفيّ المدعوم بـ«قوّات درع الجزيرة» إلى اعتقال الرموز القادة فور دخول جحافل الغزاة في شهر مارس 2011، وكان المخطط أن يُدخلوا الرعب والشتات في نفوس أبناء الشعب وقواعده الثوريّة، ولكنّهم فوجئوا مرّة أخرى من أنّ تغييب القيادات في السجون وتعذيبهم ومحاكمتهم جاء بنتائج عكسيّة، حيث زاد من لهيب الثورة وحماس الجماهير، كما زاد الالتحام الوطنيّ على أهداف الثورة والقناعة بانتهاء صلاحيّة آل خليفة وكيانهم غير الشرعيّ. إنّنا في هذه الأيام نستذكر التاريخ المجيد للقادة الرهائن ونتوقف بكلّ افتخار أمام صمودهم الأسطوريّ وثباتهم مع الشعب ومطالبه المحقّة، ونجدّد الوفاء لهم والعزم على مواصلة الدرب الذي رووه من جهادهم وتضحياتهم، مع العهد بأن يبقوا منارة لهذا الشعب وأن يكونوا كما كانوا السادة والقادة الحقيقيّين له، وأنّ النصر سيكون باسمهم وعلى أيديهم إن شاء الله تعالى.
3- بعد 14 عامًا من عمر ثورة البحرين، يواصل الكيان الخليفيّ ترويج أكاذيبه حول الإصلاحات السياسيّة والاقتصاديّة والمعيشيّة، ولا يكفّ عن الدعاية حول الإنجازات المزعومة في التنمية والنهوض الاقتصاديّ. ولكنّ الواقع يؤكّد صحّة شعارات ثورة 14 فبراير التي كان تنادي بتغيير شامل في إدارة البلاد، وأن يكون الحكم بيد الشعب عبر ممثّليه الحقيقيّين، وأنّ أيّ حديث عن الإصلاحات سيكون بلا معنى ما دام آل خليفة يسيطرون على ثروات البلاد، ويفرضون أنفسهم على أنّهم الفئة الأولى التي تحكم بالامتيازات وتحتكر المخصّصات العالية على حساب المواطنين وميزانية الدولة واحتياطي الأجيال. وما تعانيه البلاد والعباد في البحرين من مخاطر على مستوى تخريب الهويّة والعبث في التركيبة الديموغرافيّة إنّما هو حيلة خبيثة من الكيان الخليفيّ لتمرير استبداده وفساده وسرقاته التي أدّت في نهاية المطاف إلى تكديس الأموال بيد عائلة الطاغية وصرفها على لهو أبنائه المراهقين ومهرجاناتهم. إنّ الأعباء الكبيرة التي ترهق الوطن والمواطن سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا ستؤدي إلى تفريغ شحنة المسكنات وأدوات القمع والإرهاب، وهو ما يجعل لثورة 14 فبراير سياقها الموضوعي المستمرّ، وأنّ انفجار لحظة الغضب الشعبيّ يمكن أن يظهر في أي وقت وتقلب الطاولة على الطاغية وجنده المرتزقة.
4- أخفق الكيان الخليفيّ وأعوانه المحتلّين في شيطنة ثورة 14 فبراير كما أخفقوا في ربطها بالخارج، وأثبتت الأيّام أنّ هذه الثورة تحظى بأعلى مستويات الانتماء للوطن ولشعبه الأصيل من السنّة والشيعة، كما أثبتت الأحداث المتتالية أنّ الكيان المجرم الذي يحكم البحرين هو من أكثر الكيانات ارتباطًا وتبعيّة للمشاريع الأجنبيّة وتحديدًا المشاريع الاستعماريّة التي تخدم الصهاينة والهيمنة الأمريكيّة. ومنذ معركة «طوفان الأقصى» وما أعقبها من حرب إبادة صهيونيّة- أمريكيّة على غزّة ولبنان، ومن هجمات عدوانيّة امتدت على دول المنطقة؛ تموضع آل خليفة في الجهة التي تخدم الشيطان الأمريكيّ ومخطّطات الكيان الصهيونيّ، ولم يتوانوا عن الوقوف في وجه قوى المقاومة والتأليب عليها في السرّ والعلن، وشاركوا في التآمر على شعوب المقاومة ومحاصرتها. إنّ ثورة البحرين لا تقف فقط في وجه طاغية قاتل لشعب أصيل وهاتك لمقدّساته، بل تعدّه أيضًا خائنًا للأمّة ولفلسطين وعميلًا للأمريكيّين والصهاينة.
5- لم نُفاجأ من الموقف العربيّ الرسميّ المتواطئ، ومنه موقف الكيان الخليفيّ، إزاء الجرائم التي اقترفتها العصابات التكفيريّة تجاه الأقليات في سورية، وخاصّة في الساحل السوري، وهو ما يكشف جانبًا من أسرار تسارع الأنظمة المطبّعة من أجل مباركة الحكم الجديد في سورية بقيادة «الجولاني»، وما أتبعه ذلك من تآمر إقليميّ ودوليّ على قلب محور المقاومة، وفرض مرحلة جديدة من محاولات تصفية القضيّة الفلسطينيّة عبر استهداف ممنهج لدول محور المقاومة وقواها المساندة لمظلوميّة شعب فلسطين وحقّه في إقامة دولته على كامل التراب الفلسطينيّ وعاصمتها القدس الشريف. إننا نثق بأنّ الشعب السوريّ التوّاق للحريّة والعدالة، لن يقبل بأن تكون بلاده منطلقًا لتنفيذ المؤامرة الأمريكيّة الصهيونيّة الجديدة، وهو قادر على إجهاض هذا المشروع الخبيث، والعودة بسورية إلى موقعها الطبيعيّ في مواجهة التكفيريّين والمتصهينين والمستكبرين.
المجلس السياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الثلاثاء 11 مارس/ آذار 2025م
البحرين المحتلّة