يُحاك وراء الجدران الباردة للسجون، في جنح الظلم وتحت ستار الليل، ما لا تقبله الإنسانيّة، ولا يمكن للحريّة أن تعترف به.
إنّه واقع مؤلم يعيشه «ماهر عباس الخبّاز» ورفاقه، الذين أصبحوا رموزًا للنضال في سبيل قيم العدالة والحريّة، حيث يقبع هذا الشاب ابن بلدة السهلة الشماليّة خلف قضبان الظلم منذ اعتقاله في19 فبراير/ شباط 2013.
منذ ذلك اليوم، وحياة ماهر تأخذ منعطفًا قسريًّا نحو مصير مظلم تحت ظلّ محاكمة سياسيّة منبثقة من أروقة النظام الخليفي، في تاريخ مليء بالأسى،19 فبراير/ شباط 2014، سُطّر قرارٌ يمتزج بحبر الانتقام، حكمٌ بالإعدام وثمانية أعوام سجن إضافيّة؛ حكم يفتقد إلى أدنى درجات العدالة والإنصاف، مع مرور أربع سنوات تطبع قرارها النهائيّ بتاريخ 29 يناير/ كانون الثاني 2018، ليظلّ صداه يتردّد في سجن جوّ المركزيّ، معزولًا عن العالم في مبنى العزل رقم 1.
إنّ معاناة ماهر الخبّاز ليست إلّا انعكاسًا للنضال الطويل الذي يخوضه الشعب البحرانيّ في مواجهة الديكتاتوريّة والسعي نحو تحقيق العدالة والاستقلال عن السلطة الخليفيّة الفاقدة للشرعيّة. أحكامهم الانتقاميّة، بعيدة من كلّ المعايير الدوليّة للمحاكمات العادلة، تُظهر فقط يأسهم وخوفهم من صوت الحريّة الصاعدة، من لهيب الحراك الثوريّ المشتعل في قلوب الرجال والنساء على السواء، الذي لن يخبو مهما كانت قسوة الاضطهاد.
الحركة الثوريّة تلتهب الآن، في عامها الخامس عشر، معلنةً أنّ الأحكام السياسيّة لن تخمد زفير نضالها أو تكسر إرادتها. يكتب شعب البحرين، متمسّكًا بحقوقه المشروعة في تقرير المصير، بدمائه وأنفاسه تاريخًا جديدًا، مستندًا إلى رؤية مستقبل خالٍ من قيود الاستبداد.
إنّ ماهر الخبّاز ورفاقه هم ركائز في صرح هذا النضال، ومع كلّ شمس تغيب خلف قضبان ظلمهم، تشرق فجرًا جديدًا للحريّة والعدالة. الحريّة للأسير المظلوم ماهر الخبّاز، الحريّة لكلّ أبطال النضال المعتقلين في غياهب السجون، وكما يردّد الأحرار: «ما النصر إلّا من عند الله»، بثقة متوهّجة قد تبدو بعيدة، لكنّها مؤكّدة، بأنّ الحريّة قادمة، وأنّ الظلم مهما امتدّ لن يدوم.