في ثنايا الحريّة، وعلى مرمى البصر من ذكرى التحرير، وقف الفتى «حسين الجزيري» شامخًا كصرح من نور في يوم الذكرى الثانية لثورتنا المجيدة.
يوم الرابع عشر من فبراير/ شباط 2013، اختلطت دماء الجزيري الطاهرة بتراب الدّيه النبيل، شاهدًا على سطوع نجم بطولة سيظلّ يضيء ظلمات معركتنا العادلة.
تحت شعار «إضراب الكرامة» انضمّ حسين، طفل لم تتلوّث يداه بغير عفّة النضال وتراتيل الحريّة إلى إخوته في ساحات العزّ والشرف، ليخطّ بدمائه قصيدة عشق لا تنتهي للوطن. فما كان من الرصاص الانشطاري «الشوزن» الذي أطلقته يد الغدر من قوّات الأمن التابعة لوزارة الداخليّة إلّا أن ختم صفحات حياة حسين القصيرة، آذنًا بميلاد أسطورة طفولة تؤمن بأنّ دماء الشهادة هي ماء الحياة لزهور الحريّة.
لن ننسى أنّ حسين، برحيله، زرع في قلوبنا بذورًا من الإصرار على السير على درب النضال، مؤكّدين الوفاء لدمائه الزكيّة، ودماء كلّ الشهداء الأبرار الذين سقطوا في مسيرة الحقّ ضدّ الكيان الخليفيّ الفاسد.
إنّ في استشهاد حسين الجزيري، وهو في مقتبل العمر، إعلانًا صريحًا بأنّ الجبروت لن يثنينا عن المطالبة بحقوقنا، وأنّ صوت الحريّة لا يُخرسه زخم الرصاص ولا غطرسة الغاصبين.
ونحن نُجدد العهد والبيعة على مواصلة المسير، نحمل راية الجزيري عاليةً، معاهدين السماء والأرض على أن نستلهم من تضحيته قوّةً وعزمًا، وأن نمضي قدمًا في طريق الحريّة مهما بلغت التضحيات، متسلّحين بإرادة لا تعرف الهوان، وإيمان راسخ بأنّ نور الحقيقة لا يمكن أن يُطفأ.
ليكن استشهاد «حسين الجزيري» نبراسًا يُضيء درب كلّ مقاوم، ولتكن قصّته شعلة تتقد في قلوبنا، متحدّيةً كلّ محاولات إخماد جذوة الأمل في غدٍ أكثر عدلاً وحريّة. إنّ دماء الجزيري ورفاقه الأبرار هي الوقود الذي سيحرّك عجلة التغيير، مهما تكالبت علينا قوى الظلام.
في الختام، نستمدّ من قصّة «الشهيد حسين الجزيري» العبرة والإلهام، متذكّرين أنّ كلّ شبر في هذا الوطن، وكلّ قطرة دم سالت على ترابه الطاهر، هي وصايا لنا بأن نحمل مشعل الكفاح، متمسّكين بحلم الحريّة حتى يُفجر الفجر شمسه على وطن يسوده العدل والسلام.