يتقدّم المجلس السّياسي في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير بأسمى عبارات التّبريك والتعظيم لشعبنا الوفيّ الصابر في البحرين بمناسبةِ إطلالة الذكرى السّنوية الرابعة عشرة للثورة المجيدة، ويؤكّد أنّ كلّ السّنوات الطّويلة من الصّمود والمقاومة في وجه القمع ستنتهي بتحقّق الوعد الإلهيّ الذي بُشّر به المجاهدون الصّادقون في الدّنيا والآخرة، وهو ما عبّر عنه الشّعار الموحّد الذي اختارته قوى المعارضة لإحياء ذكرى الثورة هذا العام تحت عنوان «واثقون بالله»، مشدّدين على أنّ هذه الثقة هي التزام دينيّ وثقافيّ وسياسيّ يصرّ شعبنا العزيز على التمسُّك به في نضاله الشريف لإنهاء الاستبداد والفساد في البلاد، ليؤكّد بذلك منهاجه الخاص الذي يقوم على وضوح الرّؤية، والصّدق في النضال، والعمل الدؤوب وبكلّ السُّبل المشروعة.
وفي هذه الذكرى المجيدة نتوقّف في الموقف الأسبوعيّ عند العناوين الآتية:
1- إنّ ضعف الإمكانات الماديّة، وشدّة الظّروف المحيطة، وتكالب الأعداء الأشرار؛ ليس مبرّرًا للخروج من المسيرة وإعلان الاستسلام للباطل، وقد بيّنت سيرة ثورتنا على مدى 14 عامًا أنّ وجود شعب مؤمن وحرّ وكامل الإرادة هو العنصر الأساسيّ في إعادةِ بناء موازين الصّراع وتحقيق معادلةِ النصر على الأعداء، وقد كتبَ شعبُنا هذا الدّرس من خلال التضحيات الكبيرة وقوافل الشّهداء الأبرار، مسنودًا في ذلك إلى الثقة بالله تعالى، فنالَ نورَ الهداية إلى طريق الثبات والتغلّب على كلّ التحدّيات القاسية وتحويلها إلى فرصٍ سانحة لزيادةِ الوعي والقدر على ردّ المكائد إلى نحور الظالمين.
2- يُدرك شعبُنا والقوى الوطنيّة المخلصة أنّ الكيان الخليفيّ غير قادرٍ على إجباره وثورته على الخضوع والاستسلام، وأنّ أقصى ما يمكن أن يفعله هو الإرهاب والاعتقال والقتل، وهذا العجز من الكيان المجرم نابع من كونه دخيلًا على البلاد وغريبًا عن العباد، فهو منبوذ ومنزوع الصّلة عن القيم والأخلاق، في حين أنّ الشّعب أصيل ومتأصّل في الجغرافيا والتاريخ، وجذوره الإيمانيّة والثقافيّة ممتدّة وغير قابلة للقطع. لقد بلورت هذه الحقيقة قيمة أساسيّة في ثورة البحرين، وهي أنّ بطشَ الدّخلاء المحتلّين عديمي الضّمير لا يمكن أن يُجبر أهل البلاد الأصليّين المؤمنين على توقيع صكّ العبوديّة والتخلّي عن إيمانهم وعزّتهم، ولو سلخَ جلودهم وزجّهم في غياهب السّجون.
4- وفي أجواء ذكرى ثورة 14 فبراير المجيدة نتقدّم بالتهنئة والتبريك إلى وليّ أمر المسلمين السيّد القائد علي الحسينيّ الخامنئيّ (دام ظله الشّريف) وإلى القيادة الحكيمة في إيران وشعبها المضحّي العظيم بمناسبة حلول الذكرى السادسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلاميّة بقيادةِ الإمام الرّاحل الخمينيّ (رضوان الله تعالى)، ونعلن بوضوح أنّ هذه الثورة ستظلّ النبراس الذي يهتدي به كلّ مستضعفي الأرض وشعوبها الحُرّة التي تعاني الهيمنة والاستكبار العالميّ، وأتون الليبراليّة الأمريكيّة المتوحّشة وشركاتها التي تنهب ثروات الشّعوب، ومن خلال أدواتها العميلة التي تتغطّى بعبوديّتها للمشروع الأمريكيّ- الصّهيونيّ للحفاظ على السّلطة المغتصبة والتّصدّي لطموحات الشّعوب في العدالةِ والسّيادة. إنّ ثورة الإمام الرّاحل وتلميذه النجيب السيّد القائد وبركته في نظام الجمهورية الإسلاميّة هي لنا النور والمنارة، وهي الخيمة والعمود، وهي الدّاعم الوفيّ والصّديق الأمين، والوقوف معها والولاء للمحور المقاوم الشّريف الذي تقوده إنّما هو تعبير عن المسير الواحد ووحدة القيم والمصير في مواجهة شياطين الاستكبار والاستغلال وأذنابهم الأشرار.
5- حقّقت ثورة البحرين تكاملها الخاص بين أهدافها وقيمها الفكريّة والعمليّة، وهي معادلة صعبة لم يستطع الكثير من الحركات الشّعبيّة أن يتوفّر عليها؛ ما جعلها عرضة للاختطاف السّريع والهزيمة، أمّا ثورة البحرين فقد جسّدت نموذجها المنسجم في تحديد بوصلةِ المواجهة، وتجلّى ذلك خاصّة في موضوع دعم فلسطين والمقاومة ومواجهة التطبيع، ولم يتلكأ هذا الموقف رغم المظلوميّة الدّاخلية ومضاعفة المعاناة من جانب الكيان الخليفيّ المتصهين، فكان شعب الثورة واضحًا في اتهام الأمريكيّين والغرب المتوحش بأنّهم وراء الإجرام الصّهيونيّ، وهم الذين يديرون ويموّلون ويسلّحون حروب الإبادة والاحتلال في غزّة ولبنان وسوريا وغيرها.
6- في هذا السّياق، نؤكّد أنّ ثورة البحرين في ذكراها الجديدة تجدُّد قناعتها بأنّ إدارة الشّر الأمريكيّة بزعامة المتعجرف وعبد الشركات المتوحّشة «دونالد ترامب» تقود مرحلة جديدة من الصّراع بين جبهة الحقّ والباطل، وبعناوين سافرة وغير مسبوقة من أجل تمكين قوى الاستعمار من الاستحواذ على خيرات الشّعوب ومقدراتها، وتنفيذ أبشع أشكال الإبادة وجرائم الحرب من تهجير وتدمير وحصار وتجويع، وما يتهدّد به المجرم ترامب أهلنا في غزّة الأبيّة من إبادةٍ جماعيّة وترحيل قسريّ دمويّ هو الوجه البشع الذي يوصّف طبيعة الشّيطان الأكبر وجرثومته الصّهيونيّة؛ لذا فإنّنا نحذّر من أنّ تمرير هذا التهديد الإجرامي سيُشّجع الأنظمة المتصهينة على المزيد من القتل والترهيب لشعوبها، وهو ما يؤكّد مرّة أخرى أنّ مقاومة المشروع الأمريكيّ- الصّهيونيّ هي جزء لا يتجزأ من مشروع الحريّة ومواجهة الاستبداد، وأنّ أيّ خلل أو تقصير في هذا التوازن والتوازي في المشروعين سيعني السّقوط والوقوع في أسوأ المخاطر والخيارات.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير