لشهر فبراير/ شباط في تاريخ البحرين مكانة خاصّة، ففيه كانت انطلاقة ثورة الشعب الطامح إلى تقرير مصيره مهما بلغت تضحياته.
مع انبلاج صبح 14 فبراير/ شباط 2011، وقّع الشعب وثيقة النضال، ليبدأ مرحلة جديدة من انتزاع الحقوق المسلوبة من نظام لم يكتفِ بها، بل سلب الأرض وحريّة المواطن.
شهر فبراير، شهر الصمود والإباء، شهر الثورة والنضال، وشهر عطاء الدم، ففيه ارتقى خيرة شبّان البحرين على مدى سنوات الثورة وحتّى ما قبلها، لتكتب حكاياتهم باللون الأحمر في فصل هذا الشهر، ويمهروا أسمائهم في سجلّ شهداء الوطن.
لكلّ واحد منهم قصّته، ترويها ذاكرة الشعب، فالقائد الميدانيّ «السيّد كاظم السيّد عباس السهلاوي»، المقدام الشجاع في ساحات الجهاد والبطولة، ارتقى في 3 فبراير 2020 بعدما استفحل به المرض نتيجة مضاعفات التعذيب وحرمانه العلاج في السجون الخليفيّة.
أمّا الشهيد «السيّد علي الموسوي- أبو هادي» القياديّ البارز في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير، فقد ارتقى كذلك نتيجة المرض، ولكن بعد أن عاش مرارة الغربة ورحل بعيدًا من أهله، نتيجة تهديدات النظام الخليفيّ له على خلفيّة فضحه لجرائمه في الإعلام.
وتختلط أمطار فبراير مع مياه البحر لتحتضن 4 شبّان كانوا من طليعة الشباب الثوريّ المجاهد هم «حسن البحراني وميثم إبراهيم والسيد قاسم درويش والسيّد محمود كاظم»، الذين قضوا في ظروف غامضة في 7 فبراير 2018، وهم ينشدون الحريّة من جَورِ الكيان الخليفي، لتطفو جثامينهم عند الشواطئ الإيرانيّة.
وكأنّ الحريّة لم ترتوِ عند شاطئ البحر ما يكفيها من دماء طاهرة، حتى تضيع بين أمواجه تفاصيل قصّة ارتقاء القياديّ الميدانيّ «رضا الغسرة»، والمقاومين «محمود يوسف ومصطفى يوسف عبد علي» في مجزرة دمويّة ارتكبها الكيان الخليفيّ بدعمٍ بريطانيّ فجر يوم الخميس 9 فبراير 2017.
تتقادم السنوات، لكنّ تقويم فبراير مع الأيّام يظلّ يسجّل أسماء شهداء بنقاط حمر، ليكون الشهيد «علي مشيمع» أوّل شهيد يرتقي يوم 14 فبراير 2011، ويلحق به الشهيد «فاضل المتروك» بينما كان مشاركًا في تشييعه.
وثمّة يوم عرفه تقويم فبراير بـ«الخميس الدامي»، وهو يوم 17 فبراير 2011 حين ارتقى أربعة شهداء هم «عيسى عبد الحسن، محمود أبو تاكي، علي المؤمن، علي خضير»، إثر هجوم وحشيّ لقوّات النظام الخليفيّ على المعتصمين في دوّار الشهداء (اللؤلؤة)، ومباغتتهم وهم نيام، حيث أطلق مرتزقته عليهم الرصاص الحيّ ورصاص الشوزن والقنابل المسيّلة للدموع، ما أدّى إلى سقوط مئات الجرحى إلى جانب الشهداء.
لائحة شهداء فبراير طويلة، بعضهم قضى نتيجة التعذيب في ثمانينيّات القرن الماضي، وبعضهم استشهد نتيجة الغازات المسيّلة للدموع والقمع الوحشيّ على مدى سنين الثورة وما قبلها.
شهر الثورة «فبراير» يتجدّد في كلّ عام، ويتجدّد معه نبض الشعب الذي يحيي فيه ذكرى الثورة المجيدة ومن مضى على درب الحريّة من شهداء، ضمن «قوافل الإباء».