صدر عن المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الموقف الأسبوعيّ، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
مع حلول شهر فبراير الثورة، تلتهبُ عقولُ أبناء شعبنا العزيز في البحرين وقلوبهم، وهم يستذكرون الأحداثَ العظيمة التي سجّلتها مثل هذه الأيّام المجيدة من العام 2011 بعد أن شدّوا العزم على شقّ طريق جديدٍ نحو الحريّة والتحرُّر من الاستبداد والفساد، مستلهمين القوّة والأمل من تاريخ بلادنا الحافل بالنضال والانتصارات. نتوقّف في هذه المناسبة عند الأيّام الأخيرة التي سبقت إطلاق الثورة في 14 فبراير 2011، ونعني بها الأيّام التي شهِدت النقاشات والتحضيرات الأساسيّة لذلك، رغم أجواء القمع والاعتقالات الوحشيّة، وكذلك المحاولات المستميتة للنظام لوأد الثورة عبر رشوة المواطنين بالأموال، ولكن الشّعب كان قد حسَم أمره وأعدّ العدّة لتسجيل يوم جديد من أيّام الطوفان. إنّنا نشدّد على أهميّة العودة إلى الأيّام التي سبقت الثورة من أجل استلهام العِبر والدّروس، والاستفادة من تجربة المجاميع الشبابيّة الثوريّة التي تعاضدت فيما بينها لصياغةِ الإطار العام للثورة، وأتقنت اختيار تفاصيلها في الشّكل والمضمون، وحرصت على الاسترشاد بالرّموز الذين لم يتوانوا عن تقديم الدّعم والتسديد لكي يخرج 14 فبراير على أفضل ما يكون، وبصناعةٍ وطنيّة شاركَ فيها أبناء الشّعب ومن كلّ المدن والبلدات.
وبهذه المناسبة وكذلك بخصوص المستجدّات الأخيرة؛ نسجّل في الموقف الأسبوعي العناوينَ الآتية:
1- إنّ الأجيال الجديدة في بلادنا البحرين بحاجة عاجلة إلى الاطّلاع على التحضيرات والتضحيات الشّجاعة التي صنعت ثورة 14 فبراير، وذلك بتوفير معرفةٍ شاملة وموضوعيّة لكلّ الأحداث والمواقف التي امتدّت على مدى تاريخ الثورة المتواصلة حتّى اليوم. نشدّد على ذلك في ظلّ المخاطر الكبيرة التي تواجهها الأجيال أمام مشاريع الكيان الخليفيّ الرّامية لتحريف تاريخ النضال الوطنيّ، وهذه المشاريع لا تقتصر على البرامج الأمنيّة والإعلام المضلّل، بل تتعدّاها إلى إنشاء المؤسّسات البحثيّة ومراكز الدّراسات التي يحشد فيها النظامُ الأقلام المأجورة لإنتاج مواد بحثيّة وتاريخيّة تخدم سرديّته وأجندته حول الأحداث. في هذا الإطار، نحثّ كلّ المعنيّين في ثورتنا على التكاتف الجدّي لتأسيس مركز توثيق وأبحاث متكامل مختصّ بثورة البحرين، يُعنى بتسجيل ودراسة كلّ الوقائع والسجلّات الخاصّة بهذا اليوم المجيد، ونرى أنّ هذا المشروع البحثيّ جدير بأن يرى النور في أقرب وقت، وأن يحظى بالرّعايةِ والاهتمام المناسبين، وهو أفضل ما يمكن تقديمه للثورة وشعبها في ذكراها الرابعة عشرة.
2- لا يخفى أنّ ثورة البحرين واجهت تحدّيات كبيرة طيلة هذه السّنوات، ونحن نعتقد أنّ ما حصل كان بمثابةِ الاختبارات المعتادة التي تواجهها الثورات الشعبيّة عبر التاريخ، وعلى الشّعب وقواه الوطنيّة أن يحضّروا أنفسهم دائمًا لمثل هذه الاختبارات التي يُفترض أن تزيدهم خبرة وقدرة على المواجهة والتحدّي. ولذلك لا ينبغي النظر إلى التراجع النسبيّ في الحراك الشعبيّ، أو تقلّص مستوى الحضور الثوريّ في السّاحات، وغير ذلك من المظاهر؛ على أنّه فشل وهزيمة للثورة، بل هذا وضع طبيعيّ للحركات الجماهيريّة التي تضطّر إلى تغيير أدواتها أو تطوير أساليبها بحسب الظروف، كما أنّ شعبنا في البحرين أثبت مرارًا أنّ لديه القدرة الفائقة على استحداث الوسائل المناسبة لكلّ ظرف جديد، طالما أنّ الهدف هو الصّمود الشعبيّ وعدم رفع راية الاستسلام للطّاغية حمد، ورأينا ذلك في التجارب اللافتة في اعتصام الفداء بالدّراز، وفي مرحلة كورونا والتزام المواطنين بالشّعائر وفق المقتضيات الصحيّة، وكذلك الحال مع حراك عوائل السّجناء المتكاتف مع انتفاضات أبنائهم المتكرّرة، وابتكارات الناس المستمرّة في وسائل الاحتجاج وتنظيم المسيرات رغم الحصار والترهيب.
3- نؤكد أنّ الأزمات التي تشهدها المنطقة وخصوصًا بعد «طوفان الأقصى» هي فرصة مواتية للحركات الجماهيريّة لكي تثبّت أقدامها مجدّدًا في مواجهةِ الأنظمة القمعيّة، غير أنّ الاستجابة لذلك لا تزال ضئيلة في أغلب الدّول العربيّة حتى الآن، ورغم إدراكنا لاختلاف السّياقات نسجّل لشعبنا في البحرين أنّه لم يتردّد في بناء مواقفه وتحرّكاته الاحتجاجيّة على أكثر من مستوى، ونرى أنّ هذا الإقدام الشّعبيّ في الدفاع عن المقاومة في غزّة ولبنان، والتصدّي الصريح للمشروع الأمريكيّ- الصهيونيّ ما كان ليظهر لولا جذوة النضال المتوقّدة التي يتناقلها شعبنا جيلًا عن جيل، ونشدّد بالخصوصِ على شعلةِ 14 فبراير التي يعود لها الفضل الأكبر في الإبقاء على درب النضال المضيء بالأمل والوعي والالتزام الوطنيّ وبقضايا الأمّة.
4- في هذا السّياق، نؤكّد أنّ السّلوك المخزي للكيان الخليفيّ إزاء الحروب والتغيّرات التي شهدتها المنطقة، وخاصّة في غزّة ولبنان إنّما كان تعبيرًا عن طبيعةِ هذا الكيان المتطابقة مع الكيان الصّهيونيّ والشّيطان الأمريكيّ والبريطانيّ، ولم يكن مفاجئًا لشعبنا أن يتخندق الطاغية حمد وعصابته مع الصّهاينة والأمريكيّين والمطبّعين في مواجهةِ قوى المقاومة بغزّة ولبنان، والتآمر على جبهات الإسناد في إيران واليمن والعراق وسوريا، فشعبنا الذي هتفَ في ثورته بإسقاط هذا الطاغية؛ يعلم أنّه كذّاب وناكث للعهود، وقاتل الأنفس المحرّمة، وهاتك الأعراض، وهادِم المساجد، وليس من شيمه إلّا الغدر والتحالف مع القتلة والإرهابيّين، ولذلك كان الطّاغية أوّل المتواصلين مع أحمد الشرع (الجولاني) بعد سقوط النظام السّوريّ، ومن المتوقّع أن يدعوه إلى زيارة البحرين، تأسيسًا على علاقاته مع الجماعات التكفيريّة في سوريا والمتوغّلة في الأجهزة الأمنيّة الخليفيّة. لقد أثبتت الأيام أنّ تلك الجماعات إنّما تخدم أجندة أجنبيّة وليس تحقيق الحريّة للشّعب السّوريّ الشّقيق، كما تبيّن مع طريقة تنصيب (الجولاني) نفسه رئيسًا على الدّولة السّوريّة، ثمّ تقاطُر طغاة المنطقة وبينهم حمد لتهنئته على استفراده بالحكم والاستخفاف بسيادةِ البلاد وبحرمة الأماكن المقدّسة، متجاهلًا حقّ الشّعب السوريّ وإرادته في تقرير المصير.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
البحرين المحتلّة
الإثنين 3 فبراير/ شباط 2025م