ثمّة أسماء تبرز بحروف من نور، في أروقة الثورة وصناعة التاريخ، تحكي قصصًا عن بطولات استثنائيّة وشهادة تختم بالدم الطاهر دفاعًا عن الحقّ والحريّة. من بين هذه الأسماء برز اسم الشاب المجاهد الشهيد «السيّد كاظم السيّد عبّاس السهلاوي» من بلدة السهلة الشماليّة، ليضيء صفحات النضال بالتزامه الثوريّ وتصدّيه للظلم والطغيان.
السيّد كاظم كان قائدًا ميدانيًّا بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى؛ شجاعة وحكمة وتفانٍ في الدفاع عن تراب الوطن من قبضة الفساد والاستبداد. لم يكن للهوان يومًا طريق إلى روحه، ولم يتثاقل في النهوض بمسؤوليّته الوطنيّة رغم كلّ الأخطار المحدقة به، متحدّيًا ذلك الكيان الخليفيّ الذي حشد كلّ أساليب الظلم ضدّه.
قصّة الشهيد المجاهد لم تخلُ من ويلات الاضطهاد، حيث تعرّض لجريمة التعذيب الممنهج بأكثر أشكالها وحشيّة إثر اعتقاله في 30 يونيو/ حزيران 2015. وفي ظلمات الزنازين، صدح صوت الظلم وخيّم القهر، مع انعدام شروط الحياة الآدميّة وحرمانه الحقّ الأساسيّ في العلاج، فكانت صحّته ساحة أخرى لمواجهة مع الموت الذي سرق جزءًا كبيرًا من جسده قبل روحه.
مع ذلك، ظلّ السيّد كاظم صامدًا، عاكسًا صورة البطل الذي تتسلّح إرادته بالقوّة والإيمان، ليحول دون كسره أو التأثير في ثباته وشجاعته الفريدة. كان موقنًا بأنّ ثمن الحريّة قد يكون باهظًا، لكنّ التوق إلى طي صفحة من الظلم والتمييز والتهميش التي عاشها شعب البحرين لعقود طوال يستحقّ كلّ قطرة دم تُراق في سبيل هذا الهدف.
في نهاية مسيرته، وفي محاولة يائسة من النظام لطمس معالم الجريمة، أُفرج عنه لتضاف تلك الخطوة إلى سجلّ طويل من الألاعيب القذرة. لكنّ الشهيد «السيّد كاظم السهلاوي» رحل مخلّدًا اسمه في قلوب أبناء شعبه، مصباحًا يضيء درب الأحرار وعنوانًا للتضحية من أجل مستقبل تسوده العدالة والمساواة.
لتكن ذكرى الشهيد السهلاوي ومسيرته دافعًا لنا جميعًا للإيمان بأنّ دماء الشهداء هي من تروي زهور الحريّة والتحرّر، وأنّ الثورة تظلّ حيةً بأرواح من ضحّوا من أجلنا، وبكلّ قلب ينبض بحبّ الوطن.